السودان يراقب تغيّرات تدفقات نهر النيل وسط قلق من تأثير سد النهضة

سودافاكس – يشهد نهر النيل في هذه الأيام تحولاً لافتاً في توازن تدفقات روافده الكبرى، إذ تراجع منسوب النيل الأزرق مقابل ارتفاع غير معتاد في النيل الأبيض، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كان سد النهضة الإثيوبي قد بدأ فعلياً في إعادة رسم خريطة تدفقات النهر الأطول في العالم.

ارتفاع تاريخي في إيرادات النيل الأبيض

أعلنت وزارة الري والموارد المائية السودانية عن ارتفاع غير مسبوق في إيرادات النيل الأبيض، محذّرة السكان المقيمين على ضفافه من خطر الفيضانات، خصوصاً في المناطق الواقعة بين الجبلين وجبل الأولياء جنوبي الخرطوم.

وذكرت الإدارة العامة لشؤون مياه النيل أن فيضان النيل الأزرق بدأ في الانحسار نتيجة انخفاض التصريفات الواردة من السدود الإثيوبية، في حين يسجّل النيل الأبيض زيادة مطّردة في الإيرادات بلغت عند محطة ملكال 240 مليون متر مكعب، مقابل 135 مليوناً للنيل الأزرق و59 مليوناً لنهر عطبرة.

الخبير المفتي: لا علاقة بين سد النهضة وارتفاع النيل الأبيض

نفى الخبير السوداني في شؤون المياه الدكتور أحمد المفتي وجود أي علاقة بين سد النهضة وارتفاع إيرادات النيل الأبيض، موضحاً أن الأخير يعتمد على أمطار الهضبة الاستوائية والبحيرات العظمى الواقعة خارج نطاق تأثير السد الإثيوبي.

وأكد أن تأثير سد النهضة يقتصر على النيل الأزرق فقط، فيما ترتبط زيادة النيل الأبيض بعوامل طبيعية مثل غزارة الأمطار وانخفاض معدلات التبخر وتنظيم التصريفات من السدود الأوغندية.

وزارة الري السودانية: الارتفاع طبيعي وموسمي

من جانبها، أكدت مصادر فنية في وزارة الري السودانية أن الزيادة في إيرادات النيل الأبيض ناتجة عن غزارة الأمطار في الهضبة الاستوائية وارتفاع منسوب بحيرة فكتوريا، إلى جانب الإطلاقات المائية من السدود الأوغندية.

وأوضحت أن الوضع لا يزال ضمن الحدود الطبيعية لمثل هذا الموسم، معتبرة أن الارتفاع الحالي يعكس ديناميكية مناخية موسمية أكثر من كونه تحولاً هيكلياً في نظام النهر.

سد النهضة: استمرار التشغيل وقلق دولتي المصب

تواصل إثيوبيا تشغيل سد النهضة للعام الخامس بعد استكمال مراحل الملء التدريجي، مؤكدة أن المشروع “وطني لتوليد الطاقة” ولا يستهدف الإضرار بدولتي المصب.

لكن مصر والسودان تعتبران أن التشغيل الأحادي للسد يمثل تهديداً لحصصهما المائية، ويستلزم اتفاقاً قانونياً ملزماً بشأن قواعد الملء والتشغيل.

تأثير مزدوج للمناخ والسدود

يرى خبراء أن تزامن غزارة الأمطار في الهضبة الاستوائية مع تراجع تدفقات النيل الأزرق يجعل من الصعب الفصل بين الأثر المناخي والتأثير البشري الناتج عن السدود، في ظل تغيرات مناخية غير مسبوقة يشهدها حوض النيل.

تحول محتمل في ديناميكية النهر

يحذر مراقبون من أن استمرار التباين في تدفقات النيلين الأزرق والأبيض قد يشير إلى تحوّل أعمق في ديناميكية نهر النيل، ما يستدعي مراقبة علمية طويلة الأمد لرسم صورة دقيقة لمستقبل المياه في المنطقة.

فيضانات العام الماضي.. درس قاسٍ للسودان

شهدت ولاية النيل الأبيض العام الماضي واحدة من أعنف الفيضانات في تاريخها، حيث ارتفعت مناسيب النهر إلى مستويات قياسية، ما أدى إلى غرق قرى وتشريد آلاف السكان.

وكانت المشاهد، وفق شهود عيان، “كارثية”، إذ غمرت المياه المنازل والمزارع ودمرت البنية التحتية، في مشهد بات جرس إنذار لضرورة تطوير منظومة إدارة المياه في السودان.

دعوات لتعزيز الإنذار المبكر وإدارة الفيضانات

دعا خبراء البيئة والمياه إلى إنشاء سدود وقائية وتحسين أنظمة الإنذار المبكر لمواجهة الفيضانات، خاصة في ظل التقلّبات المناخية التي أدت إلى اضطراب معدلات سقوط الأمطار في الهضبة الإثيوبية والهضبة الاستوائية.

سودافاكس




مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.