رسالة في بريد الاثيوبية.. خط بورتسودان دبي: الحصان الرابح ولكن!
كتب:إبراهيم عدلان
مع توقف شركات الطيران السودانية — بدر، وتاركو، وسودانير — عن تسيير رحلاتها من بورتسودان إلى دبي بقرار إداري مجحف، بدأ المشهد وكأن سماء الشرق السوداني خلت فجأة من أجنحتها الوطنية. وفي هذا الفراغ، عادت الخطوط الإثيوبية لتجد الباب مفتوحاً على مصراعيه أمام سوق واعد ومربح بحسابات الاقتصاد، لكنه في الوقت نفسه حسّاسٌ ومعقّد بحسابات المزاج السوداني.
مطار الخرطوم يستقبل أول رحلة مدنية منذ عامين
فهذا الخط، بطبيعته، يمثل واحداً من أكثر المسارات التجارية ربحية في الإقليم. فبورتسودان جعلتها الظروف الان بوابة السودان الوحيدة
المتصلة بحركة التجارة والاستيراد والسفر الخارجي واصبحت مركز جذب لآلاف المسافرين من ولايات الشرق والشمال وحتى الخرطوم، ممن يجدون في دبي وجهة رئيسية للعمل والعلاج والتسوق والعبور إلى العالم.
الخطوط الاثيوبية وجدلية السعر
لكن، إن كانت الأرباح المادية هي الهدف الأقرب، فإن الاستثمار في العلاقة مع الراكب السوداني هو الهدف الأبعد والأذكى. فالسوق السوداني، رغم ما يعتريه من تقلبات سياسية واقتصادية، يُكافئ الشركات التي تحترم زبائنها وتُحسن معاملتهم، ويعاقب من يتعالى عليهم أو يستغل حاجتهم.
لقد أثبتت التجارب السابقة أن الراكب السوداني ذاكرته حية، وشعوره بالكرامة عميق. فحين يواجه سوء معاملة أو ازدراءاً من طاقم أو إدارة، لا يتردد في مقاطعة الناقل، مهما كانت المغريات السعرية أو التسهيلات. ومن هنا تأتي الفرصة الذهبية أمام الخطوط الإثيوبية:
أن تكون شريكاً دائماً للسودانيين لا مجرد ناقلٍ انتهازي في ظرفٍ استثنائي.
فالإثيوبية تمتلك ما يؤهلها لذلك:
استئناف رحلات الخطوط الإثيوبية إلى بورتسودان يحفّز بدر للطيران على قرارات جديدة
• أسطول حديث ومتنامٍ.
• شبكة ربط واسعة عبر أديس أبابا تربط الشرق الأفريقي والعالم.
• خبرة طويلة في التعامل مع الأسواق المتنوعة في القارة.
لكنها تحتاج في المقابل إلى استراتيجية تواصل مختلفة في السوق السوداني — تقوم على:
- الاحترام الكامل للمسافر السوداني في الأرض والجو.
- التسعير العادل الذي يراعي الظروف الاقتصادية الصعبة.
- تسهيل إجراءات السفر والحجوزات عبر مكاتب وكالات سودانية محلية.
- الانخراط في برامج مسؤولية اجتماعية تدعم قطاعات التعليم والصحة في شرق السودان كرسالة حسن نية.
إن تعاملت الإثيوبية مع هذا الخط باعتباره جسراً إنسانياً قبل أن يكون تجارياً، فإنها لن تحصد الأرباح وحدها، بل ستحصد ولاء المسافر السوداني لسنوات طويلة.
أما إذا انزلقت نحو الغرور أو الاحتكار، فستجد نفسها أمام جمهورٍ لا يتردد في قول “كفاية” والبحث عن بديل، مهما كان بعيداً.
في النهاية، بورتسودان ليست مجرد مطار، إنها بوابة السودان ا
إلى العالم، ومن يكسب ودّها اليوم، يكسب مستقبلاً سوقاً كاملاً عندما تعود البلاد إلى الاستقرار
