لماذا ننجذب لمن يتجاهلنا؟ علم النفس يفسّر الظاهرة الغريبة

ظاهرة غريبة يتفق عليها ملايين الناس، ويصفها علماء النفس بـ “جاذبية الغياب” — وهي واحدة من أكثر الظواهر العاطفية إرباكًا للعقل الإنساني.
لكن لماذا يحدث ذلك فعلًا؟ ولماذا يصبح “البارد عاطفيًا” أكثر جاذبية من الصادق؟
🧠 اللعبة التي يلعبها العقل دون إذنك
حين يتجاهلك شخص تهتم لأمره، يدخل دماغك في حالة غموض، ويبدأ بالبحث المحموم عن التفسير.
هذا البحث لا يتوقف بسهولة، لأنه يُحفّز جزءًا في الدماغ يُسمّى النواة المتكئة (Nucleus Accumbens) — نفس الجزء المسؤول عن الإدمان والمكافأة.
بمعنى آخر:
التجاهل يجعل دماغك يعامله كـ “لغز”، والإنسان بطبعه مهووس بحل الألغاز.
💫 علم النفس العاطفي يفسّر الانجذاب للمجهول
يقول عالم النفس الأميركي “روبرت فيلدز”:
العقل لا يحب الأشخاص الذين نفهمهم بسهولة… بل الذين يجعلوننا نتساءل عنهم.
الغموض هنا لا يعني الجمال أو الذكاء، بل الندرة.
حين لا تكون متأكدًا من مشاعر الطرف الآخر، يبدأ دماغك بإفراز هرمون الدوبامين بشكل متقطّع — نفس التأثير الذي يحدث عند القمار الإلكتروني أو المفاجآت.
وهكذا، يتحول التجاهل إلى “مكافأة عاطفية عشوائية” تجعل الشخص أكثر جاذبية في عينيك.
⚠️ الوجه الآخر للظاهرة
لكن هذه اللعبة العقلية خطيرة، لأن استمرارها قد يُحوّل الانجذاب إلى تعلّق قهري.
الإنسان بطبيعته لا يتحمّل “الفراغ العاطفي”، لذلك يحاول ملأه بالخيالات والتفسيرات.
وهنا يبدأ الألم الحقيقي — لأنك تُحب الصورة التي رسمها عقلك، لا الشخص الحقيقي أمامك.
التجاهل يخلق الوهم، والوهم يُغذّي المشاعر أكثر من الواقع.
🔄 هل يمكن كسر هذه الدائرة؟
نعم. الطريقة الوحيدة هي إعادة ضبط “نظام المكافأة” في دماغك.
بدل أن تُركّز على الشخص المتجاهل، درّب نفسك على ملاحظة من يهتم بك فعلًا.
كل مرة تميل فيها للتفكير في من يتجاهلك، اسأل نفسك:
“هل أبحث عن الحب أم عن الإثارة؟”
الجواب غالبًا سيكون الثاني — وهذه أول خطوة للشفاء من التعلّق الخاطئ.
🎭 حين يصبح التجاهل سلاحًا اجتماعيًا
في علم النفس الاجتماعي، يُستخدم التجاهل أحيانًا كسلاح للسيطرة أو لجذب الانتباه.
الشخص البارد قد لا يكون غامضًا فعلًا، بل فقط يُمارس “لعبة الهيمنة” العاطفية.
والعقل البشري، للأسف، يتفاعل مع هذه اللعبة كأنها تحدٍ يجب الفوز به.
لهذا السبب، تظهر ظاهرة “الوقوع في حب من لا يريدنا”، وتتكرر عبر الثقافات واللغات.
💡 الخاتمة
الانجذاب لمن يتجاهلك ليس ضعفًا في الشخصية، بل تفاعل طبيعي مع كيمياء الدماغ.
لكن القوة الحقيقية هي أن تفهم اللعبة وتنسحب منها بوعي.
حين تدرك أن الغموض ليس حبًا، وأن الاهتمام لا يحتاج إلى اختبار،
حينها فقط، تبدأ في الانجذاب إلى السلام الحقيقي… لا إلى التجاهل المزيّف.
تهاني عوض : كيف تتعاملين مع الزوج العصبي؟دراسات في علم النفس تؤكّد أن الرجل العصبي شخص طيب القلب.


