البحر الأحمر يتحول إلى أخطر ممر للإنترنت العالمي

تواجه مشاريع البنية التحتية للإنترنت في البحر الأحمر تأخيرات كبيرة، وسط تصاعد التوترات الأمنية والسياسية في واحد من أهم الممرات البحرية لمرور البيانات بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، وفقًا لتقرير حديث لوكالة بلومبرغ.

على الرغم من إطلاق مشروع 2Africa التابع لشركة ميتا قبل خمس سنوات، فإن الجزء الجنوبي من المسار لم يكتمل بعد. يمتد المشروع بطول 45 ألف كيلومتر، ويُعد من أكبر شبكات الكابلات البحرية في العالم، وكان يُفترض أن يوفّر اتصالًا عالي السرعة حول قارة أفريقيا.

فيسبوك تبني كيبل بحري يمر بالسودان. لتقديم خدمات الانترنت لإفريقيا

لكن ميتا أكدت أن الإنجاز تعطل بسبب عوامل تشغيلية ومخاوف تنظيمية ومخاطر جيوسياسية على طول البحر الأحمر.

لا يشمل التعطل مشروع ميتا وحده؛ إذ يشهد كابل Blue-Raman المدعوم من جوجل تأخيرات إضافية، إلى جانب مشاريع India-Europe-Xpress و Africa-1 و Sea-Me-We 6، في ظل تحفظ العديد من الشركات عن التصريح بأسباب التأخير.

أصبح البحر الأحمر واحدًا من أخطر الممرات البحرية خلال العامين الماضيين، بسبب الاعتداءات الإسرائيلية في المنطقة والهجمات الصاروخية التي تنفذها جماعة الحوثيين في اليمن.
ونتيجة لذلك، توقفت سفن مدّ الكابلات، واضطرت ناقلات الشحن إلى الالتفاف عبر رأس الرجاء الصالح لمسافات كبيرة.

ويرى خبراء الاتصالات أن الشركات أصبحت “غير قادرة على تحقيق عائدات من استثماراتها” في ظل توقف هذه المشروعات، ما يجبرها على شراء سعات بديلة بتكلفة مرتفعة.

خسائر مالية وبيع شركات بسبب النزاع

في يناير الماضي، بيعت شركة Aqua Comms بخسارة كبيرة بعد استمرار التأخير في تركيب كابل EMIC-1 المرتبط بمشروع 2Africa، بسبب الوضع الأمني الحرج في البحر الأحمر.

دفعت هذه المخاطر شركات الاتصالات والتكنولوجيا للبحث عن مسارات بديلة للإنترنت، من بينها:

  • مسارات برية عبر البحرين والسعودية
  • مسار “طريق الحرير” عبر العراق
  • استخدام خطوط برية تربط الخليج العربي بأوروبا

وأكد مسؤولون أن شركات كبرى مثل اتصالات الإمارات وOoredoo وGBI اشترت بالفعل سعات في المسار العراقي لتجاوز مخاطر البحر الأحمر.

اتصالات مع الحوثيين وطلب دعم الناتو

تشير مصادر مطلعة إلى أن بعض الشركات تدرس التقدم بطلب إعفاء من وزارة الخزانة الأمريكية للتواصل مع الحكومة المدعومة من الحوثيين للحصول على تصاريح، أو طلب دعم من الناتو لحماية عمليات مدّ الكابلات.

يرى خبراء الاتصالات أن البحر الأحمر تحوّل إلى “نقطة فشل عالية الخطورة” لشبكات الإنترنت العالمية.
ومع ذلك، فإن أزمة الكابلات قد تدفع نحو عصر جديد من تنويع المسارات وزيادة مرونة البنية التحتية الرقمية عالميًا.

لكن حتى يتم إيجاد بدائل حقيقية، يبقى العالم أمام مرحلة حساسة قد تهدد استقرار الاتصال الدولي، وتضع الاقتصاد الرقمي تحت رحمة التوترات الجيوسياسية والأمن البحري.




مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.