القصة الكاملة لدعوة البشير وغيابه عن القمة الإسلامية الأميركية
كشفت مصادر مطلعة لـ”العربي الجديد”، تفاصيل دعوة الرئيس السوداني عمر البشير، إلى القمة الإسلامية الأميركية المرتقبة غدا في الرياض، ثم سحب الدعوة في وقت لاحق. وقالت مصادر في واشنطن، إن البشير تلقى تأكيدات من الجانب السعودي على موافقة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على مشاركة الرئيس السوداني في أعمال القمة الإسلامية الأميركية بالرياض.
وأضافت المصادر نفسها، التي فضلت عدم نشر هويتها، أنه بناء على ذلك تمت دعوة البشير وأكد الأخير حضوره، قبل أن تتراجع السعودية في اللحظات الأخيرة وتعتذر عن الخطوة بعد الضغوط الداخلية والخارجية الكثيفة التي تعرض لها الرئيس الأميركي.
وكانت الخرطوم قد أعلنت صباح الجمعة اعتذار الرئيس البشير عن المشاركة في قمة الرياض، معللة القرار بأسباب خاصة لم يتم ذكرها.
وتواجه سفريات الرئيس السوداني عمر البشير بلغط كبير منذ مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحقه، قبل نحو ثمانية أعوام، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور، رغم تحديه في رحلات عدة لقرار المحكمة.
وقالت المصادر لـ”العربي الجديد”، إن البشير دفع ثمن التخبط في الإدارة الأميركية الجديدة، حيث وجدت السعودية تطمينات وموافقة من قبل ترامب، فيما يخص مشاركة البشير في المؤتمر العربي الإسلامي، قبل أن تواجه الخطوة بضغوط داخلية قوية، حيث يتحاشى المسؤولون الأميركيون، وبقرار رسمي ملاقاة البشير وأي من المسؤولين الحكوميين المطلوبين من قبل الجنائية الدولية.
وأشارت المصادر إلى تأخر تعيين المختصين بالشوؤون الأفريقية في الإدارة الأميركية الجديدة، لافتة إلى وجود “إشكالية حقيقية فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأميركية ناتجة من تأخر ملء الوظائف، فمن ثلاثة آلاف وظيفة هناك مائة وظيفة فقط تم ملؤها”
من جهة ثانية، كشفت مصادر أخرى لـ”العربي الجديد” في الخرطوم، أن الرئيس البشير وجد تطمينات من الجانب السعودي بتبني قضايا السودان وطرحها نيابة عن البشير بين يدي ترامب عبر عرضها بصورة مباشرة. وأشارت إلى رغبة السودان الحقيقية في المشاركة في القمة “لإصلاح ما قام بتخريبه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في زيارته الأخيرة إلى واشنطن، عبر التحريض ضد السودان، ومحاولة تصوير الخرطوم كرأس الرمح في المشاكل الناتجة عن الحركات الإسلامية”، على حد قولها.
وقبلها توالت التصريحات الرسمية الأميركية الرافضة لمشاركة الرئيس في القمة العربية الأميركية، بينها تصريحات للسفارة الأميركية في الخرطوم، التي أكدت رفضها سفر ولقاء أي مطلوب للجنائية في إشارة للبشير.
وغرد مسؤولون أميركيون وشخصيات مهمة بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، معبرين عن رفضهم وجود البشير في القمة. وغردت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندليزا رايس، تستنكر الخطوة وتتساءل كيف سيجلس الرئيس الأميركي مع مرتكب الإبادة الجماعية على حد وصفها، ورأت في الخطوة “ضربا من الجنون”.
ويرى مراقبون أن السعودية أدخلت في حرج كبير مع السودان برفع سقف توقعاتها، ما سيجعلها تهتم بتحقيق أكبر مكاسب للسودان من خلال وجود ترامب على أراضيها.
واستبعد محللون أن تتسبب الأزمة في توتير علاقة الخرطوم والرياض، باعتبار أن السودان لا يملك أي آلية لتحسين العلاقات مع واشنطن باستثناء الرياض، لا سيما في ظل الدور المصري المناهض للسودان.
واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي في السودان بالصور والمنشورات التي تسخر من الرئيس السوداني وتستهجن وضعه البلاد عموما في موقف محرج لعلمه المسبق بموقف الإدارة الأميركية منه.
العربي الجديد