العلامة التجارية
قام الشعب الأمريكي عام 1985 بمظاهرات واحتجاجات واسعة ضد شركة «Coca Cola» فور إعلانها عن مشروب مطور أطلقت عليه اسم «New Coke» .
اشتعلت الاحتجاجات المتواصلة لمدة 77 يومًا أجبرت في نهاية المطاف رئيس الشركة آنذاك «دونالد كيو» عقد مؤتمر صحفي يعلن فيه التراجع عن إطلاق المنتج الجديد وإعادة المنتج القديم «Coca Cola».
كان الخطأ الكارثي والبسيط للشركة أنها لم تدرك أن منتجها الشهير «Coca Cola» لم يعد منتجًا عاديًا، بل غدا جزءًا من ثقافة وهوية الشعب الأمريكي لا يحق لها العبث فيه! عاطفة، انتماء، ثقة، مشاعر منسابة، تلك هي المكتسبات الذهبية للعلامة التجارية الناجحة التي تنطلق من العقلانية وتتأثر بالعاطفة وتتغذى برجع الصدى.
رؤية الصورة الحقيقية للمنتج من خلال قلوب الآخرين وعقولهم هي غاية التواصل الناجح، وهذا هو المفهوم الحقيقي للعلامة التجارية القوية، الذي يكمن سرها في شيء بسيط، ولكنه في المقابل عسير الفهم وصعب التطبيق، إنه «التركيز» نعم التركيز في اختزال القيم الفريدة والأفكار الكبرى.
على مدى عقود اختزل المصنع السويدي العملاق «Volvo» فلسفته التجارية بعبارة واحدة فقط لا غير «الأمان». الشركة الأمريكية العتيقة لصناعة الدرجات النارية «Harley Davidson» تعهدت لعملائها بـ«الحرية». «Apple» حلقت بالإبداع والتزمت «بالتفرد Starbucks»، أدركت مبكرًا أنها لم تكن تعمل عملاً تجاريًّا لتقديم القهوة، وإنما لخلق بيئة عصرية لعشاقها.
الكلمات هي «التمثيل اللفظي» والصور هي «التمثيل البصري» تلك هي مركبات العلامة التجارية، النظام اللفظي: هو كل ما يمكن أن يقال، النظام البصري: هو كل ما يمكن أن يُرى، وبالتالي فإن عملية المزاوجة بين اللفظي والبصري بحاجة إلى براعة فنية وذائقة عالية، وحدهم المبدعون من يملكون تلك المهارة الفذة في تحوير المعاني وتجسيد الأحاسيس.
»ولتر لاندور» واحد من أشهر مصممي الهويات في أمريكا والعالم ومصمم شعار «Coca Cola» لديه عبارة شهيرة تقول: «المنتج يصنع في المصنع، والعلامة التجارية تُخلق في الإدراك»؟
يخطئ من يعتقد أن العلامة التجارية هي الشعار! الشعار هو مجرد تعبير بصري دوره أن يعرف لا أن يصف، الشعار هو مفتاح الدخول للعلامة التجارية والتي هي بدورها من تخلق الإدراك.
ماذا سيحدث لو امتلكت المنشأة قيمًا رائعة وشعارًا جميلاً وموقعًا جذابًا، لكن موظف خدمات العملاء غير لائق المنظر وسيئ التصرف!
كل عناصر التواصل التي تتواصل بها الشركة مع المستهلك إما أن تعزز وإما أن تنفر، لذلك الشركة الأكثر نجاحًا هي الشركة التي لديها تحكم كامل وصارم على إدارة مركبي العلامة التجارية اللفظي والبصري.
كسب ولاء الموظفين لا يقل أهمية عن رضا العملاء، بالتالي لا يمكن للعلامة التجارية أن تنمو أغصانها في الخارج بينما هي منكسة في الداخل، وعليه فإن ضمان عملية الاتساق بين جوهر الفكرة ومفردات التطبيق هي السبيل الناجع لتحقيق الانتماء ثم الحصول على العطاء.
صناعة العلامة التجارية لا تقتصر فقط على المنتجات، بل تتعداه إلى الأماكن والأشياء وحتى الشخصيات،
العلامة التجارية «Harley Davidson» استطاعت أن تستحوذ على مجتمع كبير من محبيها ومعجبيها وحافظت على أنشطتهم من خلال الأندية، والأحداث، والمتحف، حيث شكل السماح للآخرين باستخدام علامتها التجارية بعوائد جاوزت 400 مليون دولار في عام 2010.
الممثلة الشهرية أنجلينا جولي وزوجها الممثل الشهير براد بِت حققت صور طفليهما «التوأم» عام 2008 إيرادات بلغت 144 مليون دولار أمريكي. وهي أعلى نسبة مبيعات لصور مشهورين إلى وقتنا هذا.
ساسة يوست