واشنطن تمهد لإعلان رفع العقوبات عن الخرطوم
الخرطوم – تكشف العديد من المؤشرات عن نية إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات المفروضة على السودان في الثاني عشر من شهر أكتوبر المقبل.
ومن أبرز تلك المؤشرات قرار الولايات المتحدة إزالة اسم السودان من مرسوم الهجرة الجديد، الذي ضم دولا جديدة مثل كوريا الشمالية وفنزويلا وتشاد.
واللائحة السابقة كانت تفرض قيودا على مواطني ست دول من الراغبين في الذهاب إلى الولايات المتحدة (السودان وسوريا والعراق واليمن وإيران والصومال).
وفي رده على القرار أعلن السودان الاثنين أنه سيبذل المزيد من الجهد لتطبيع علاقاته بشكل كامل مع الولايات المتحدة.
وتعهد في بيان نشرته وزارة الخارجية بتشديد الرقابة على المسافرين المتوجهين إلى الولايات المتحدة من مطاراته.
ويقول محللون إن رفع الحظر عن زيارة مواطني السودان إلى الولايات المتحدة يشكل خطوة باتجاه رفع العقوبات التي تكبد الخرطوم 4 مليارات دولار خسائر سنويا.
وكان من المتوقع أن ترفع الولايات المتحدة العقوبات عن الخرطوم في يوليو الماضي بيد أن الرئيس دونالد ترامب قرر تأجيل ذلك إلى شهر أكتوبر “لعدم تحقيق الخرطوم تقدما في مجال حقوق الإنسان”، وفق ما أعلنته الخارجية الأميركية آنذاك.
وعقدت الولايات المتحدة في آخر عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما اتفاقية مع الخرطوم تضمنت خمسة مسارات لرفع تلك العقوبات في يوليو الماضي من بينها تعزيز التعاون مع واشنطن في مكافحة الإرهاب، والمساهمة في تحقيق السلام بجنوب السودان، إلى جانب الشأن الإنساني المتمثل في إيصال المساعدات إلى المتضررين من النزاعات المسلحة بهذا البلد.
مبارك الفاضل المهدي: الخرطوم تمضي في تطبيع علاقاتها مع دول العالم وخاصة الأوروبية
وسجلت العاصمة الخرطوم هذا الشهر حركات دبلوماسية لافتة، كان أبرزها زيارة وفد من الكونغرس الأميركي ركز على الجانب الاستثماري في السودان، في مقابل ذلك تحرك وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور على أكثر من مستوى، وأجرى لقاءات مع كبار مسؤولي الإدارة الأميركية وصفت بـ”المهمة” في العاصمة واشنطن وذلك على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، حيث أشارت الأنباء إلى أجواء إيجابية اتسمت بها تلك اللقاءات.
وفي وقت سابق كشف مدير عام البنك الزراعي السوداني صلاح الدين حسن عن اكتمال كافة الإجراءات لفتح حساب في مصرف “يو أس” الأميركي، إضافة إلى توقيع اتفاقية مع ثلاث شركات أميركية للبدء في تنفيذ علاقة استراتيجية.
وأعرب المدير العام للبنك الزراعي عن تفاؤله برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على بلاده ما يتيح للاقتصاد السوداني انفراجا على كافة الأصعدة وخاصة القطاع الزراعي.
وتم فرض عقوبات على السودان في نوفمبر 1997 بموجب قرار تنفيذي من الرئيس بيل كلينتون يقضي بتجميد الأصول المالية السودانية، وإيقاف جميع التعاملات البنكية بين واشنطن والخرطوم، ومنع السودان من تصدير التكنولوجيا الأميركية إليه، وإلزام الشركات الأميركية، والمواطنين الأميركيين بعدم الاستثمار والتعاون الاقتصادي مع هذا البلد، وذلك على خلفية اتهامات للسودان بدعم مجموعات وعناصر متطرفة.
ويعتبر قطاعا الزراعة والنقل الجوي والبري من أكثر القطاعات تضررا، جرّاء العقوبات التي شملت حظر استيراد المنتجات السودانية، على غرار اللحوم التي يعتبر السودان من أكبر الدول المنتجة لها.
وصرح مؤخرا مبارك الفاضل المهدي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الاستثمار إنه يتوقع رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان، لافتا إلى الدور الكبير الذي لعبته الدول الأوروبية في تحقيق هذا الهدف.
وكانت دول أوروبية عدة قد أبدت خلال السنتين الأخيرتين قدرا كبيرا من الليونة مع نظام الرئيس عمر حسن البشير الذي كانت ترفضه لوقت قريب، بسبب مواقفه من جملة من القضايا، فضلا عن اعتراضها عن طريقة إدارته للأزمات الداخلية التي تعصف بالسودان، متهمة إياه بقمع كل صوت معارض.
ويرى مراقبون أن السبب الرئيسي في التحول بالموقف الأوروبي هو التحديات التي تواجهها القارة العجوز، وعلى رأسها الإرهاب، وملف المهاجرين غير الشرعيين، حيث يعتبر السودان إحدى نقاط تجمعهم قبل بدء رحلة الموت إلى الدول الأوروبية.
وقال مبارك في تصريح لوكالة الأنباء السودانية إن الخرطوم تمضي في تطبيع علاقاتها مع دول العالم وخاصة الأوروبية التي تسير في تطور مطرد، موضحا أن وضع السودان الجغرافي الإقليمي يفرض على هذه الدول التعاون معه لتحقيق الاستقرار بالمنطقة، لافتا إلى أن هناك مشاكل في القارة الأوروبية تتطلب التنسيق مع السودان لحلها وتفادي تداعياتها، في إشارة إلى ملفي الهجرة والإرهاب.
جريدة العرب