سكرتير مبارك لعمرو موسى: طعام عبد الناصر من قرى الجيزة
انتقد مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية وسكرتير الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، عمرو موسى، الأمين العام السابق للجامعة العربية، بسبب مذكراته التي ذكر فيها أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان يستورد طعامه من سويسرا.
وقال الفقي في مقال له اليوم بصحيفة “الأهرام” الحكومية إن صاحب المذكرات – يقصد عمرو موسى- دعاه لكي يلقي كلمة في يوم توقيع كتابه الذي حرك المياه الراكدة وأثار لغطاً شديداً في الواقع السياسي الراهن، مضيفاً أنه عبر في كلمته بإيجاز عن تاريخ علاقته به واكتشافه المبكر لقدراته المتميزة.
كان زعيماً زاهداً
وأضاف الفقي قائلا “اخترت في هذه المناسبة أن أدافع عن شخصين: أحدهما زعيم أمة، والثاني أستاذ لأجيال من الدبلوماسيين، من بينهم عدد من وزراء الخارجية الذين تعاقبوا على المقعد بدءاً من عمرو موسى ذاته، أما الزعيم فتاريخه يدافع عنه، قل في عبد الناصر ما شئت سياسياً، ولكن انتزاعه من حياته البسيطة التي يعرفها الجميع وأدركها أنا شخصياً بحكم صلتي بأسرته فذلك اختيار غير موفق على الإطلاق، يمكن أن تناقش في عبد الناصر قضايا الديمقراطية أو الاشتراكية، وتتفق مع الإصلاح الزراعي أو تختلف، وتتحمس لتأميم القناة أو تتحفظ ولكن الحديث عن طعام كان يأتيه من برن عاصمة سويسرا فذلك أمر مختلف.
وأضاف “قال لي دبلوماسي مخضرم: إذا كان فتحي الديب السفير حينذاك في العاصمة السويسرية يرسل طعاماً لمؤسسة الرئاسة بمواصفات معينة فمن أدراك أنه لعبدالناصر شخصياً، وقد كان زعيماً زاهداً ارتبط بالفقراء ودافع عن العدالة الاجتماعية”.
وقال الفقي “لعلي أذكر هنا قصة حكاها الراحل اللواء سامح سيف اليزل العضو الأسبق في مجلس النواب والشخصية التي برزت على الساحة السياسية في العامين الأخيرين قبل رحيله، فقد قال لي سامح رحمه الله إنه عمل بعد نكسة يونيو عام 1967 في حراسة الرئيس الراحل، وجاء دوره لكي يكون مناوبًا في إحدى الليالي فدخل مع الرئيس قاعة السينما الصغيرة التي كان يمارس فيها هواية مشاهدة بعض الأفلام والتفت إليه الرئيس”.
جبنة بيضاء وخبز جاف
وتابع “وقال له: قم بتشغيل السينما، فضغط سامح على الزر ليشاهد الرئيس لمدة نصف ساعة، ثم قال له: أغلق مفتاح التشغيل واطلب العشاء، ودخل السفرجي ووضع الطعام أمام الرئيس وكان من الجبنة البيضاء والخبز الجاف فسأل الرئيس سامح: هل تناولت عشاءك يا حضرة الضابط؟ فقال له: نعم فرد عليه، عبد الناصر: لا لم يحدث ذلك، فقال له: نعم لم أتناول عشائي يا سيادة الرئيس، فقال له: أطلب العشاء لك، وظل الرئيس الراحل صامتًا أمام طعامه لا يمد يده إليه إلى أن جيء لسامح بطعام مشابه لما يأكله الرئيس عندئذ فقط بدأ الرئيس في تناول وجبته، وهي لم تكن من سويسرا بالطبع على الإطلاق، ولكنها جبنة بيضاء من إحدى قرى محافظة الجيزة”.
واستطرد الفقي “الرجل عاش فقيراً وقام بالاقتراض على معاشه في إحدى المناسبات الخاصة بأسرته، هذا هو عبد الناصر الذي عرفناه، وهو ما أدركته الجماهير بحسها الطبيعي ومشاعرها البسيطة، وعندما جرت المصاهرة بين أسرة عمرو موسى وأسرة ابنة الرئيس الراحل عبدالناصر منذ سنوات اتصلت به يومها وقلت له: إن هذه المصاهرة هي اعتذار تاريخي متبادل بينك وبين ذلك القائد العظيم.
مسألة هامشية
وأضاف الفقي “ولابد أن أذكر هنا أنه في إحدى أمسيات أغسطس عام 1968 كنت الملحق الدبلوماسي المناوب في إدارة غرب أوروبا ودفعني الفضول إلى قراءة بعض الملفات في مكتب السفير الراحل جمال منصور، حيث مقر المناوبة وإذا بوثيقة تقع في يدي عن تنظيم (الطليعة الاشتراكية) ومجموعتها في وزارة الخارجية، ومن بين الأسماء عمرو موسى الدبلوماسي الشاب، ولقد ذكرت له ذلك بعد رحيل عبد الناصر بسنوات ولم ينكر الرجل تلك الحقيقة”.
واختتم الفقي “كنت أتمنى على الصديق عمرو موسى أن يوجه انتقاداته للرئيس الراحل في قضايا موضوعية وليس في مسألة هامشية، يحيطها الشك من كل اتجاه ولا تتماشى مع شخصية الرئيس عبد الناصر وتاريخه المعروف”.