“حلقة جديدة” يرفض بيان للخارجية السودانية استمرار بث مسلسل “أبو عمرو المصري” ويصفه بأنه محاولة عبثية لضرب الثقة بين البلدين، فهل تستجيب القاهرة لطلب الخرطوم أم تستمر سلسلة المواجهة عبر الشاشات؟

بدأ في عدد من القنوات المصرية بث المسلسل المصري (أبو عمرو المصري)، وهو المسلسل الذي تعالج قصته الرئيسة الإرهاب وداعش، ما بدا مفارقاً أنه في الحلقات الأولى بثت مشاهد من السودان حاول من خلالها كاتب السيناريو الربط بين الإرهاب وجذوره باعتبار أن مناطق في السودان هي المكان الذي تنبت الإرهاب وأنه المكان الذي مثل المسرح لكثير من الأحداث التي تصنف كونها عمليات إرهابية.
عقب بدء بث حلقات المسلسل خرجت اعتراضات من قبل عدد من السودانيين يسألون عن المغزى من محاولة الربط بين الإرهاب والسودان في مسلسل مصري، بالطبع فإن للأمر علاقة وطيدة بالفترة الراهنة التي تعيشها العلاقات السودانية في وقتها الراهن، وتدعم الخطوات بشكل ما الاتهامات التي طالما رددتها وسائل إعلام مصرية بأن السودان يقوم باستضافة عدد من منسوبي الحركات الإسلامية المصرية المتشددة وهو أمر طالما نفته الخرطوم.
لم يكن أمام الخرطوم الرسمية أن تصمت على ما يجري حيث خرج صوتها أمس ممهوراً بتوقيع وزارة الخارجية التي أصدرت بيانا نددت فيه بما يجري في المسلسل الذي بدأ عرضه منذ مطلع شهر رمضان المعظم بعنوان “أبوعمر المصري” بعد أن تم الترويج له بصورة عكست إصرار البعض على اختلاق وتكريس صورة نمطية سالبة تلصق تهمة الإرهاب ببعض المواطنيين المصريين المقيمين أو الزائرين للسودان.
وقد سعى القائمون على المسلسل لإيهام المتابعين بأن بعض أجزاء السودان كانت مسرحاً لبعض أحداث المسلسل، واستخدمت العديد من الوسائل كلوحات السيارات السودانية التي تعد رمزاً سيادياً لا يجوز التعامل به إلا بعد الحصول على موافقة من السلطات السودانية المختصة، وأردف البيان أن هذا العمل المسيء للشعبين الشقيقين قد أساء بوجه خاص للوجود المسالم للمواطنين المصريين بالسودان، والذين هم موجودون بعلم السلطات المصرية وفقاً لاتفاق تسهيل حركة المواطنين بين البلدين الشقيقين، إذ إن هناك ثماني رحلات جوية يومية وأكثر من خمسين رحلة يومية للبصات والمركبات بين البلدين ولم يثبت تورط أي مواطن مصري مقيم بالسودان في أي حوادث إرهابية.
في بيانها تقول الخارجية إنها قد قامت باستدعاء السفير المصري بالخرطوم وسلمته مذكرة احتجاج رسمية على المسلسل، وطالبته بإيصالها لسلطات بلده واعتبرت أن هذا المسلسل المسيء للمواطنين المصريين القادمين والمقيمين بالسودان، ما هو إلا محاولة عبثية لضرب الثقة وشل التواصل بين الشعبين الشقيقين، ومن المؤكد أن مصير هذه المحاولة البائسة الفشل الذريع. وأشارت وزارة الخارجية إلى أن السفير محمد عبد الله إدريس كان قد تناول أمر هذا المسلسل الرديء، وطلب إيقاف محاولات العبث والتشكيك في علاقات البلدين الشقيقين، وذلك خلال لقائه مع السيد وزير الخارجية المصري السفير سامح شكري منتصف شهر مايو الجاري بأديس أبابا. وفي ذات السياق قدمت سفارتنا بالقاهرة احتجاجاً رسمياً لدى وزارة الخارجية المصرية.
وقالت الخارجية السودانية إن هنالك تنسيقا أمنيا كبيرا بين الأجهزة العسكرية والأمنية والشرطية في البلدين، وذلك وفقاً للاتفاق بينهما والذي لا يسمح بأي نشاط وأعمال عدائية من أي بلد تجاه البلد الآخر، كما أن هناك تعاونا مستمرا بين السفارة السودانية بالقاهرة ووزارة الخارجية المصرية، وكذلك بين السفارة المصرية بالخرطوم ووزارة الخارجية السودانية، وهو أمر يشير بشكل كبير لرغبة حكومتي البلدين في تسيير وتسهيل حركة المواطنين بين البلدين من أجل تعزيز العلاقات فيما بينهما، فيما يتعايش الآلاف من المواطنين المصريين في العاصمة الخرطوم وفي مدن سودانية أخرى دون أن يثير هذا الأمر أي نوع من المشاكل والمتاعب. وتقول إحصايئات غير رسمية إن ما يزيد عن المليون شخص من السودانيين حملوا أمتعتهم وغادروا لقضاء رمضان في العاصمة المصرية القاهرة وفي مدن أخرى، وهو ما يعزز هذا النوع من العلاقات.
في فترة سابقة كانت اعتراضات سودانية كثيفة تشتعل ضد تداول وسائل الإعلام المصرية للسودان في تناول اتخذ صفة التقليل من قيمة البلاد وقياداتها، وهو ما استدعى في نهاية المطاف للتوقيع على ميثاق يدعو لإيقاف التراشف الإعلامي في القنوات المصرية قبل أن يعود الأمر مرة أخرى، ولكن هذه المرة عبر مسلسل (أبو عمرو) الذي طالبت الحكومة السودانية بإيقاف بثه وهي في الأساس مطالبة بإيقاف محاولات رسم صورة الإرهابي وإلصاقها بالسوداني، كما يحاول أن يرسمها السيناريو في مسلسل أبو عمرو المصري، فيما يبدو السؤال هنا هل تستجيب السلطات المصرية للمطالب السودانية بإيقاف بث المسلسل أم أن (أبو عمرو) سيواصل رحلته حتى النهاية بغض النظر عن المترتبات عليها، وبالطبع يظل السؤال الأكثر إلحاحاً: هل ستكون (الدراما التلفزيونية) حلقة جديدة في مسلسل مكايدات البلدين وتعبيراً فنياً عن خلافاتهما السياسية؟.

اليوم التالي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.