عثمان ميرغني:محاولة إجهاض مستشفى الدايات..

“مستشفى الدايات” واحدة من أقدم المؤسسات الطبية في السودان تقدم خدماتها في رعاية المرأة والطفل، ومنها كانت الصرخة الأولى لأجيال من المواليد الذين يجدون الخدمة الكريمة بأقل قدر من التكاليف..

منذ بداية الحرب كان مثيرا للدهشة استيلاء قوات الدعم السريع عليها ووقف خدماتها كليا لأكثر من عام إلى أن أعيد افتتاحها قبل ثلاثة أيام تقريبا بعد تأهيلها، و لم تدم فرحة استعادتها لنشاطها طويلا إذ بعد يوم استهدفها الدعم السريع بقذائف أحدثت دمارا واسعا، وللأسف اجهضتها قبل أن تولد من جديد..

رمزية هذه المستشفى في كونها تجمع بين المرأة والطفل، في أكثر خدمة حساسة لأنها تعني بالنسبة للاثنين ، المرأة والطفل، الحياة أو الموت، فإذا اختار الدعم السريع أن يعطل عملها فتلك جريمة لا يكفي أبدا أن تكون مجرد آهات في وسائط التواصل الاجتماعي، خاصة أنها تأتي على أبواب مفاوضات بدأت عمليا الآن وتوشك أن تبدأ جلساتها الرسمية في سويسرا بعد أقل من أسبوع..

صحيح يجب أن لا توقف مثل هذه الجرائم قطار المفاوضات لكن ذلك لا يعني إغفال التعامل الجنائي معها فهي لا تسقط بالتقادم وتصلح لتكون ملفا جنائيا في المحافل الدولية القضائية..

هناك تقاعس من السلطات الرسمية لا أعرف أسبابه، الجرائم التي ارتكبها الدعم السريع في الجنينة منذ يونيو 2023 ومع فداحتها ورصدها بواسطة وكالات الأمم المتحدة والمنظمات ووسائل الإعلام العالمية الكبرى إلا أنها لم تجد الاهتمام الكافي من السودان حكومة واعلاما، ثم سلسلة الجرائم في ولاية الجزيرة مرت حكاوى رعب لم تجد التوثيق والمعالجة القانونية ، خاصة مجزرة “ود النورة” والتي في عز تفاعلها الجماهيري المفجوع نجح الإعلام الحكومي في طمسها بقصة “عزت والإذاعة” و كأني بالحكومة كانت تتعمد لفت الانتباه بعيدا عن الجريمة البشعة..

من الحكمة فصل المسارات بحرص، المسار العسكري لا أحد يتدخل فيه، ففيه رجال يعرفون ما يفعلون. المسار القانوني الذي يتعلق بالمعالجة والمتابعة لجرائم الحرب داخليا و خارجيا، والمسار التفاوضي الذي يختص بالبحث عن نهاية للحرب والى الأبد..

لكل مسار خصائصه ولا يتقاطع مع المسارين الآخرين.. فالجرائم لا يجب أن توقف قطار المفاوضات الذي يجب ان يسرع للوصول إلى محطة السلام.. و العمليات العسكرية لا تنظر الى طاولة المفاوضات مهما بلغت، فهو مسار يدار بالتعليمات لا الأمنيات..

عثمان ميرغني


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.