الرياضة السودانية بين الدين والدنيا (1 من 2) بقلم: م. أُبي عزالدين عوض

(1) الأهداف الحقيقية للرياضة

يقول النبي الهادي: المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير…

وهي قوة غير إيمانية فقط، وتتعداها للقوة النفسية والعلمية والبدنية والإنتاجية والقوة الذهنية والفكرية، وكل أنواع القوى المشمولة ضمنا في آية رب العزة: “وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة” ، دون تحديد لنوعها.

ويقول المرشد العام: “إن العامل المخلص المتقن هو ذلك الإنسان الحاذق لصنعته وحرفته ، والذي يقوم بما يسند إليه من أعمال ووظائف بإحكام و إجادة تامة ، مع المراقبة الدائمة لله في عمله ، وحرصه الكامل على نيل مرضاة الله من وراء عمله..” .

وبما أن الإخلاص هو ثاني ركن من أركان بيعتنا التي تثبت أن (محياي لله رب العالمين) ، فعملنا وفنوننا و (رياضتنا) هي لله رب العالمين وابتغاء مرضاته بطرق مباشرة أو غير مباشرة.

وإن الرياضة هي إحدى الأدوات المهمة لحكومات الدول كي تحقق بها أهدافا مهمة و جليلة لشعوبها، فتتنوع أهدافها بين ملء وقت فراغ الشعوب وإرضائهم، وتفريغ الطاقات البدنية والنفسية التي قد لا تجد لها متنفسا طاهرا، وتقوية البدن والعقل من قبيل التماهي مع أجواء دعائنا (اللهم أعنا على حسن عبادتك( !

ومما يمكن الوصول إليه عبر التوسل بالرياضة هو التحسين والتثبيت الإيجابي لإسم و صورة الدولة المعنية وشعبها في ذهن العالم، ودعم الاقتصاد الوطني للدولة عبر إقامة المناسبات الرياضية الكبرى فيها، إضافة إلى رفع نسبة صادرات الدولة عبر رفع القابلية الإستيرادية النفسية للشعوب الآخرين! ودعم اقتصاد الأسر التي تعيش من وراء عالم الرياضة بفروعه، حيث إن الرياضة هي إحدى رافعات الفقر في خطط كثير من الدول لتحجيم الفقر وسط الشرائح الضعيفة في المجتمع، وربما يصل الأمر في مداه إلى نشر التوجه الفكري لحكومة ما عبر زيادة المشجعين لفرقها والذين يتحولون إلى مؤيدين للدولة وما يصدر عنها !

وعندما تشجع شعوب العالم فريقا رياضيا وتحترمه ، فإن هذا تأييد و احترام لكامل الشعب و الدولة التي أتى منها أولئك اللاعبون ، بل إن هذا قد يكون مدخلا لشعوب العالم كي ترغب في معرفة كل ما استطاعوا عن هذه الدولة المبدعة رياضيا، وتعرف فكرها وتاريخها ولغتها وأديانها، بل يصبح هنالك رابط وجداني بينهم وبين جمهور تلك الدولة، تعاطفا معهم وتأييدا لها.

فالكل يعلم حجم التعاطف من جمهور رياضيي العالم والذي يمكن أن تلقاه البرازيل مثلا لو حوصرت اقتصاديا أو تم ضربها بالطائرات !

فماذا فعلنا نحن في السودان، سواءً من جانب الحكومة أو الرياضيين أو المشجعين، لاستغلال الرياضة مثل بقية شعوب العالم ؟ وهل العائد من التمويل ومن التدريب ومن الإهتمام، وما نصرفه و ندفعه من معينات وجهد ووقت فيها يوازي الفائدة المرجوة أو النتائج المخطط لها ؟

(2) الحلول المتكاملة للرياضة.

فوزارة الرياضة هي قناة لتوصيل الدعم والإسناد لقطاعات أخرى غير رياضية ووزارات مثل وزارة السياحة ووزارة الصحة ووزارة المالية والإقتصاد الوطني ! بل وزارة الداخلية والتربية كذلك.

وعند النظر لدول مثل البرازيل ونيجيريا وإسبانيا كأمثلة غير حصرية، فإن المستورد سيفضل السكر أو البن البرازيلي على السكر والبن الكولومبي والبيروفي ! وذلك لقلة المعرفة بكولومبيا والبيرو، مقابل معرفة مكثفة بالمنتخب البرازيلي في كرة القدم وكرة طائرة الشواطئ في ساو باولو و ريودي جانييرو! وليس لمعرفة بالجودة والنوعية للمنتج نفسه.

وإذا كنت سأختار عاملاً قوياً وماهراً لشركتي، فسأفضل النيجيري على السوازيلاندي، لأني أعرف شيئاً عن نيجيريا وهي منتخبها لكرة القدم ولاعبوه الأقوياء المهرة، فبالتالي سيكون في ذهني أن مجتمع نيجيريا يخرج منه أمثال هؤلاء، ولكن مجتمع سوازيلاند في أذهاننا لا يضارعهم قوة ومهارة ! وقد تكون الحقيقة معاكسة لذلك تماماً، ولكنها رسالة كرة القدم النيجيرية للعالم !

قد تكون البضاعة البلغارية ممتازة، ولكن سأرجح عليها البضاعة الإسبانية، فأنا أعرف الدوري والمنتخب الأسباني، مما يعطيني دعماً نفسياً لتفضيل منتجهم وصادرهم على البلغاري! كما يمكنني أن أتقبل وأثق في جودة مبادئ الإسباني خوسيه ثاباتيرو الإشتراكية أكثر من مبادئ البلغاري سيرجي ستانيشيف الإشتراكية، فقط لأن بلغاريا لم تشتهر رياضيا كشهرة إسبانيا !!

ولكن مفهوم الرياضة لدينا لا زال محصوراً في التعصب لكرة القدم ولفريق أو فريقين ! رغم أن ما أنجزناه فيها لا يساوي حجم الإهتمام بها ولا الزمن الذي قضيناه فيها، فواجب شرعي علينا إما أن نأخذ الرياضة كعلم قبل أن تكون فنا من الفنون الجميلة ! وأن نعمل بكد لها و نحسن عملنا ، ونخلص فيه النية لله و الوطن ، وإما واجب علينا أن نترك هذه الرياضة المحددة إلى غيرها مما يحقق لنا الرفعة والعزة في الحياة الدنيا ! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه”.

وأخبر نبينا الكريم أنه لن تزول قدماً عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن عمره فيم أفناه وكذلك عن علمه ماذا عمل فيه أو به..


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.