بدعوى منع الغش في الشهادة السودانية: التفاصيل الكاملة لقطع الانترنت في السودان
تفاجأ السودانيون صباح أمس بقطع خدمات الانترنت بجميع انحاء البلاد من قبل شركات الاتصالات؛ خلال جلسات امتحانات الشهادة السودانية. وعممت شركات الاتصالات رسالة (sms) على هواتف المشتركين؛ يقول نصها: “بتوجيه من السلطات العدلية، نعلن عن قطع الإنترنت يومياً خلال جلسات إمتحان الشهادة السودانية من الساعة الـ8 صباحاً وحتى نهاية الجلسة الساعة 11 صباحاً”.
قرار قطع خدمات الانترنت لمنع تسرب امتحانات الشهادة السودانية وجد انتقادات كبيرة في الشارع السوداني، حيث تضررت العديد من القطاعات بهذه الخطوة.
(السوداني) بحثت لتوضيح الحقائق الكاملة؛ حول الموضوع، من الذي تقدم بطلب قطع خدمات الإنترنت؟، ومن هي الجهة التي وافقت على القرار؟، وما هي اسباب ومسببات القطع؟. وما هو رأي جمعية حماية المستهلك من هذه الخطوة؟
دفوعات وزراة التربية
وزير التربية والتعليم البروفيسور محمد الامين التوم، قال في تصريح لـ (السوداني) إن وزارته طلبت من الجهات المختصة، الثلاثاء، قطع الانترنت اثناء جلسة امتحانات الشهادة السودانية، وتمت الاستجابه فورا، مشيرا إلى انه تم ضبط طلاب يستخدمون الانترنت في حالات الغش.
واضاف التوم: “ان اغلاق الانترنت لـ3 ساعات في الصباح يُنهي مثل هذه الممارسات الدخيلة على السوداني”، مؤكدا انه تم التعامل مع المتورطين بإعتبارها حالة غش، مستدركا: (حالات الغش قليلة جدا).
بلاغات النيابة
كشف النائب العام تاج السر علي الحبر عن تدوين (14) بلاغا تتعلق بحالات الغش في امتحانات الشهادة السودانية عبر استخدام تطبيق “واتساب”، عقب تزايد حالات الغش في اليومين الماضيين.
وقال النائب العام لـ (السوداني) إنه تم تدوين البلاغات في عدد من الولايات على رأسها الخرطوم وكسلا وولايات أخرى. وأضاف: “الان في انتظار نتائج التحقيق في البلاغات”.
واكد الحبر عن توصية من قبل أربعة اجهزة عدلية باتخاذ قرار بقطع الانترنت في الفترة المخصصة لإجراء امتحانات الشهادة السودانية.
وأوضح أن النيابة لا تستطيع أن تضع قرارا بقطع الانترنت؛ وانما توصي بأن كانت هنالك ضرورة تستلزم وقف الجريمة فيما يلي النيابة العامة، كما أن العمل مشترك ومؤسسي لا يتم من قبل جهة واحدة فقط.
عريضة ضد شركات الاتصالات
الأمين العام لحماية المستهلك د. ياسر ميرغني قال لـ(السوداني)، إن الجمعية ستتقدم اليوم الخميس بعريضة ضد شركات الاتصالات بالسودان، نسبة لقطع الإنترنت عن المشتركين لمدة ٣ ساعات خلال جلسات امتحانات الشهادة السودانية. واضاف: “آن الاوان أن يتم اعادة هيكلة قطاع الاتصالات في السودان”.
وكشف د. ياسر عن تضرر قطاع كبير جدا من الشعب السوداني من عملية القطع، ولا يوجد من يعوضهم عن هذا الضرر، منهم الجامعات والطلاب الذين يعملون “اونلاين”، كما اكد على تضرر الشركات الخاصة والعامة والبنوك من توقف العمليات البنكية. ونوه د. ياسر انه كان يمكن ايجاد معالجة افضل – بحسب التقنيين – بانه كان من الممكن فقط أن يتم حجب الـ (VPN) وشبكات التواصل الاجتماعي؛ وترك بقية خدمات الانترنت، لمحاربة الغش في الامتحانات.
إلى ذلك اعلنت منظمة الشفافية في بيان تحفظها على الخطوات التي اتخذتها شركات الاتصالات بقطع خدمة الانترنت، والتي أخطرت بها مشتركيها صباح امس.
واعتبرت المنظمة أن التوجيه من جهات عدلية، يعني غياب وزارة التربية والتعليم المسؤول الأول عن المشهد كما يعني غياب جهاز الاتصالات والبريد المعني برقابة وتنظيم قطاع الاتصالات في البلاد. ولفتت المنظمة إلى أنه كان من الواجب إصدار بيان مشترك بين المؤسستين لتوضيح الحقائق.
وأشار البيان إلى تضرر مصالح الشركات والبنوك ورجال الأعمال من هذا القرار داخليا وخارجيا، وتحويل الحسابات وغيرها. كما أبدت تحفظاتها على غياب مبادئ المساءلة والمحاسبة، مع تقاعس العديد من المؤسسات عن أداء مهامها على الوجه المطلوب.
تجارب مماثلة
في الجزائر، جدد خبراء في تكنولوجيا الاتصال والمعلوماتية، امس، انتقادهم الشديد لإقدام السلطات العمومية على قطع شبكة الأنترنت بداعي منع الغش في امتحانات شهادة البكالوريا، وهو الإجراء الذي أحدث موجة غضب واستياء لدى قطاع واسع من ممارسي الأنشطة الخدماتية والتجارية وغيرها، وأضر بصورة الجزائر وعلى قدرتها في التحكم في مجريات الامتحانات والمسابقات وهياكل الدولة.
كذلك اقدمت سوريا وبناءً على طلب وزارة التربية بقطع الانترنت طيلة فترة الدورة التكميلية لامتحانات الشهادة الثانوية، في اغسطس الماضي. وأوضحت شركة الاتصالات السورية بأن القطع يهدف لضمان حسن سير العملية الامتحانية، ومنع عمليات الغش.
ايضا سبق أن أعلنت وزارة الاتصالات عن قطع خدمة الانترنت في العراق. وطلبت وزارة التربية من وزارة الاتصالات قطع خدمة الانترنت في الفترة التي يجري فيها الطلبة امتحاناتهم النهائية لقطع الطريق امام الغش وتسريب الاسئلة. وسبق أن اتخذ اقليم كوردستان قرارا مماثلا.
استهجان واسع
الشاعر والكاتب الساخر د. علي الكوباني كتب منتقداً القرار على صفحته بالفيسبوك: (نهنئ العبقري الفكر في قطع الانترنت في البلد يوميا في الفترة الزمنية لإمتحانات الشهادة السودانية.. ونقول ليهو يتحصن ويقرأ المعوذتين والرقية الشرعية ولازم يربط صرة صغيرة بتاعت “حبة البركة السوداء” في رقبتو.. لأنو ممكن يتحسد على هذا “الغباء المدهش”). واضاف: (كمان قالوا في اتصالات تقيلة من بعض الدول المتقدمة عشان تستفيد من هذا الابداع والافكار المذهلة النيرة… ويا سلام على تلك الجهات العدلية التي باركت ووجهت بتنفيذ ذلك الاقتراح الذي يعد طفرة مذهلة في مجال تأمين الامتحانات.. نقترح أن يتم ترشيح هذا العبقري ليصبح وزير للتجارة والصناعة ليكون خير خلف لأحسن سلف.. يا اخوانا دي مصيبة شنو الوقعنا فيها دي).
بينما قال الصحفي عماد أبو شامة على صفحته: “قطع الإنترنت أثناء جلسات إمتحان الشهادة السودانية؛ هو اعتراف صريح بأن عملا ربما منظما للتلاعب في هذه الامتحانات.. وهذا اتهام قديم مكتوم وخجول صار الحديث عنه جهرا الآن”.
الناشط الاجتماعي عمر العشاري كتب تعليقاً على القرار: (الشعب: قرار قطع الانترنت بليد وغبي.
الحكومة: انتو والله ماعارفين حاجة ساي).
المواطن دفع الله البشير علق على بوست عشاري بقوله: (دا تمرين لشمولية جديدة من ناس كانوا ضد الشمولية دي).
تقدير حجم الخسائر
قدرت منظمة (NetBlocks) حجم الخسائر المتوقعة من قطع الانترنت في السودان لمدة 3 ساعات ليوم واحد بمبلغ (5.7) ملايين دولار.
وتعمل منظمة (NetBlocks) الدولية على مراقبة أمن الشبكات ومراقبة حرية الانترنت في مختلفِ دول العالم. حيث تُوفِّر أدوات للجمهور لمراقبة تقطع الإنترنت؛ والعواقب الاقتصادية المحتملة لحجب خدمة الأنترنت في مناطق العالَم.
المصدر: صحيفة السوداني