الطيب مصطفى : آن للسيسي أن يمد رجليه!

استللت عنوان مقالي هذا من قصة الامام ابوحنيفة الذي كان جالساً بين تلاميذه ماداً رجليه جراء مرض مزمن، فجاء الى مجلس العلم رجل ذو وقار وهيبة فعقص ابوحنيفة رجليه تأدباً، ثم ما ان سأل ذلك الشيخ سؤالاً اظهر جهله حتى قال الامام : (آن لابي حنيفة أن يمد رجليه)!
اقول هذا بين يدي البيان الضافي الذي تلاه دكتور التجاني السيسي رئيس قوى نداء البرنامج الوطني في حفل تدشين مشروع البرنامج الوطني للفترة الانتقالية، فقد مد السيسي رجليه وتبختر، ناظراً من عل الى حكومة قحت التي بان عوارها وفشلها الذريع بعد أن فعلت بالسودان وشعبه الأفاعيل وأحالت حياة المواطنين الى جحيم لم يشهده السودان منذ الاستقلال.

قدم السيسي وصفة علاجية لاصلاح الفترة الانتقالية بل لانقاذ البلاد كلها من الواقع البائس الذي تتقلب في دياجيره المظلمة، فقد صب الرجل شواظاً من نار على اداء الحكومة التي قال إنها وصلت الى طريق مسدود مضيفاً أن (هؤلاء يلعبون بالنار التي يصطلي بها الوطن)

وقال السيسي منتقداً حكومة قحت إنها بدأت منذ شهرها الاول باقصاء الجميع من السلطة والمشاركة في الحكم، الامر الذي ادخل البلاد في نفق مظلم من الازمات السياسية والاقتصادية والامنية وتسبب في تفشي الصراعات القبلية وتدهور الاوضاع المعيشية.
لذلك كله، وفقاً لبيان السيسي، يتوجب ان (تدرك النخب السياسية انه من المستحيل ان تستطيع فئة سياسية واحدة حكم السودان) مضيفاً أن (جميع اهل السودان شركاء اصيلون في تقرير مصير هذه البلاد وانه يصعب على السودان ان ينعم بفترة انتقالية مستقرة في ظل هذا الوضع الاليم مما يتوجب تقديم رؤية اسعافية تضع الحلول الملائمة)

استعرض السيسي مشروع البرنامج الوطني بمحاوره الاساسية ثم طالب بعدم فرض رؤية احادية تقرر مصير الوطن مستشهداً بعبرة تجارب الحكومات السابقة قبل ان يدعو الى توافق وطني يتجاوز مرارات الماضي وينهي الاقصاء ويرسي قيم التسامح والتراضي الوطني الكفيل باطفاء نيران الاحتقان والشقاق ويمهد للعبور الى انتخابات حرة ونزيهة وشفافة مع تكوين حكومة كفاءات وطنية حقيقية تنهض بالبلاد وتعالج المشكلات القائمة.
تبقى ان اقول إن تحالف قوى نداء البرنامج الوطني يضم عدداً مقدراً من الاحزاب والقوى السياسية وقد حضر حفل تدشين مشروع ذلك التحالف الذي اقيم في قاعة الصداقة بالخرطوم يوم السبت الماضي جمهور غفير من المؤيدين.

لست في معرض التعليق على ذلك البرنامج الطموح الذي لا خلاف حول اهدافه العظيمة ويكفي انه يدعو الى تصحيح الاوضاع الكارثية الجاثمة على صدر السودان الان.
صحيح انه ساند اتفاق جوبا الذي نتحفظ على عدد من مخرجاته الظالمة، ولكن المهمة العاجلة التي لا خلاف عليها الان ان تغير الحاضنة السياسية الحالية ويعاد تشكيل هياكل الحكم الانتقالي بما ينهي سياسة الاقصاء التي تسببت في الازمات الحالية.

خالد سلك.. لو كنت مكانك لخرجت في ذكرى ثورة أكتوبر منادياً بسقوط حمدوك

استمعت الى فيديو للقيادي بحزب المؤتمر السوداني خالد سلك وهو يخاطب حشداً جماهيرياً ايام النظام السابق، تقريباً في عام 2017، وقد دهشت انه كان وقتها يحرض المواطنين على الثورة وعلى اقتلاع الحكومة السابقة ورفض زيادة اسعار السلع!
بالرغم من اشادتي بشجاعة الشاب الثائر خالد، لكني اود ان اتساءل: ماذا تراه يقول الان بعد أن احتل ذات الموقع الحكومي الذي كان يصب عليه جام غضبه عندما كان معارضاً سيما وقد فشلت حكومته وحاضنته السياسية (قحت) في توفير الحد الادنى من مطلوبات العيش الكريم للمواطنين بعد ان تضاعفت الاسعار عدة مرات مقارنة بما كان عليه الحال قبيل سقوط نظام الانقاذ التي كان خالد يسلقها بألسنة حداد؟!
لو انصف خالد وطبق ذات المعيار الذي استند عليه قديماً لخرج الى الشارع مجدداً بذات الخطاب الذي كان يواجه به النظام السابق.
لا اقول هذا الكلام شامتاً، ولا لكي اقول له :(العلى البر عوام) بعد ان ضاق الحال بالناس بما لا يقارن بما كان عليه ايام الانقاذ وبعد ان استحالت حياة الناس الى جحيم، سيما وقد غيرت بعض قوى قحت موقفها من رفع الدعم عن الوقود والقمح وصارت مساندة لذلك التوجه الذي كانت قد واجهت فيه حكومة الانقاذ في احداث سبتمبر 2013 .

لذلك وغيره نطلب منكم يا خالد سلك ان تعودوا الى دينكم الذي يقرر ربه سبحانه ان العدالة قيمة مطلقة وان المبادئ لا تتجزأ، وأن تتخلوا عن علمانيتكم التي لا يناصحكم عرابوها الجهاليل بما يناصحكم به ربكم وهو يقول في قرآنه ? یَـاأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا كُونُوا قَوَّ امِینَ بِٱلقِسطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَو عَلَى أَنفُسِكُم أَوِ ٱلوَ الِدَینِ وَٱلأَقرَبِینَ).

لو فعلتم ذلك وركلتم العلمانية الشركية باقدامكم ولذتم بحمى دينكم التوحيدي لاعترفتم بظلمكم لمن نجحوا اكثر منكم فيما فشلتم فيه الآن.. يومها ستخرج معنا يا خالد بذات شجاعتك القديمة في مواكب اقتلاع قحت وحمدوك يوم 21 اكتوبر، اعترافاً ورجوعاً الى الحق بدلاً من ان تأخذك العزة بالاثم بكل ما يترتب على ذلك من اثام .

المصدر: الانتباهة أون لاين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.