الفاتح جبرا : ثورة تقتل ثوارها !
لو أن صمويل بيكيت رائد مسرح (العبث) واللا معقول الأيرلندي الأصل (1906-1989) يعيش بين ظهرانينا الآن لأحنى هامته لنا من فرط العروض المسرحية العبثية واللامعقولة التي أصبحنا نشاهدها على مسرح حياتنا البائس بعد أن قيض الله لنا ثورة سارت بذكرها الركبان كأكثر الثورات سلمية في التأريخ الحديث وكنا نظن أن بتفجيرها سوف (ينصلح الحال) وتنقشع سحابات الظلم والقهر السوداء.
ثورة تفجرت عبر مخاض عسير إمتد لشهور عديدة فقدنا خلالها خيرة شباب هذا الوطن المعطاء الذين روت دماؤهم الطاهرة أرض السودان ونيله فلا تخلو مدينة فيه من وجود شهداء كرام أهدوا هذا الوطن أجمل ما لديهم. جاءت هذه الحكومة على رقابهم وجلست على جماجمهم داخل القصور الملكية ، جلس القوم على الكراسي الوثيرة والمكاتب المكيفة وإمتطوا العربات الفارهة وتناسوا هؤلاء من أتوا بهم حيث لا أثر لهم إلا في عبارات الترحم (اللزجة المكرورة) التي يفتتحون بها خطاباتهم الهزيلة ، ماذا فعلت لهم هذه الحكومة؟ ماذا قدمت لأسرهم ؟ هل في أي محفل من محافلهم كانوا حضوراً؟ لم نشاهد مسؤولاً واحداً قدم شيئاً يذكر لهم حتى من باب الامتنان فقط وليس التكريم المستحق، حتى تلك الوثيقة الدستورية (المعيبة) لم يجدوا الإنصاف سوى بنص خجول وهو تكوين لجنة تحقيق ما زالت تسوف في الزمن ولم نر منها شيئاً..!
لقد قتل الثوار إهمالا أولاً في ظل حكومة ثورتهم بضياع حقوقهم في القصاص من قاتليهم شركاء الحكم فالكل يعلم من الذي فض الاعتصام وبالأسماء والأمر لا يحتاج إلى لجنة تحقيق أو تقصي ولكن نعلم لماذا شكلت تلك اللجان ولماذا أسندت مهامها لشخصيات معروفة ومجربة في هذا المجال من أجل خلاص الجناة الحقيقيين من حبل المشنقة. ضاعت شعارات الثورة.. حرية سلام وعدالة للأسف الشديد.
ضاعت الحرية عندما كممت الأفواه قسراً عن هتافات الثورة وأصبح ترديدها (جريمة) عقوبتها السجن والغرامة وضاعت أيضاً شعارات الثورة عندما منع الثوار من ممارسة حقهم في التظاهر السلمي فكانت عقوبته القتل جهاراً نهارا . واكتشفنا أخيراً أن الحكومة لم تأت إلا لحماية أعداء الثورة وشرعنة جرائمهم تحت ستار المدنية وأنها تنازلت طائعة مختارة للعسكر عن كافة مهامها في إدارة البلد حيث ظلت تمارس (السكوت الجماعي) عن أي انتهاكات لحقوق هذا الشعب المكلوم. اما السلام فحدث ولا حرج فلقد أتونا بما لم يأت به (السابقون) ولا أظن اللاحقون، سلام مبني على محاصصات شخصية لا تمت للوطنية بشيء أثارت بنوده النعرات القبلية وروعت الآمنين في أسرابهم.
وأما العدالة فضاعت منذ البواكير عندما تركوا أعداء الثورة طلقاء يمارسون مهامهم تحت عناية ورعاية اللجنة الامنية للمخلوع صاحبة سلطان الدولة الآن في عهد الثورة المجيدة التي ظننا انها اسقطتهم وهم يتباهون بامتلاكهم لزمام الأمور وانظروا من هم القائمين على الأجهزة العدلية وأنتم تعرفون ضياع العدالة في أبشع الصور. ترى ماذا بقي لنا من حطام هذه الثوره الموءودة, بايدي سارقيها؟ ولمصلحة من نفقد كل ما شيده هؤلاء الشهداء العظام ؟ وللأسف مازال القمع والتنكيل مستمراً وبنفس أساليب العهد البائد تلك، بل عاد القتل والقنص في أبشع صوره وأصبح هذا الشعب الطيب الذي تافه الأزمات الطاحنة يعيش تحت رحمة قتلته.
إلى متى نظل نرى كل هذا الظلم والهوان ونسكت عليه ؟ ويصبح كل ما نستطيع فعله فقط هو الاحتجاج بمليونيات نقدم فيها المزيد من أرواح أبنائنا فلذات أكبادنا؟ الآن طفح الكيل والتعدي على الحريات والأرواح وأصبح الأمر لا يطاق فقتل المتظاهرين في موكب ٢١ اكتوبر السلمي يؤكد كل ما ذكرناه عن هذا التخاذل المشين من قادة ضعفاء لا يرقون إلى هامات من فجروا هذه الثورة كما يوضح بالدليل القاطع على إنها (لم تسقط بعد) ، نعم للأسف لقد تواطأت الحكومة وباعت أعظم الثورات بثمن بخس فاضاعوها وأي الثورات أضاعوا..؟ ترى ماذا بقي لنا من حطام الثورة الموءودة, بايدي سارقيها؟ لا سبيل سوى النضال لإستردادها كاملة غير منقوصة ، وما زال الأمل معقوداً على ثورة جديدة لا تبقي ولا تذر على كل من تهاون في حقوقنا واسترخص تلك الدماء الزكية، ثورة تعيد للسودان مجده الغابر، ثورة تنتزع هذا الوطن العملاق من براثن طغمة العسكر وممن والاهم من فلول هذه الحكومة الرثة الضعيفة ! لقد أصبح الأمر واضحاً وجلياً وأضحت المؤامرة لا تخطئها عين أحد لكن الثورة مستمرة ولا مكان للتراجع أو التخاذل عنها والطوفان قادم لا محالة ليكنس كل من إقترف جرماً في حق هذا البلد الطيب ولا نامت أعين الجبناء وسلام على تلك الوجوه النيرة وتلك العقول المتقدة وعياً والقلوب المملوءة وعدا وتمنى فقد ذهبت أرواحهم (شمار في مرقة) وعند الله تجتمع الخصوم.
كسرة: لن تنكسر إرادة هذا الشعب المعلم وليستعد اللصوص والقتلة للحساب !
كسرات ثابتة :
• السيدة رئيس القضاء: حصل شنووو في قضية الشهيد الأستاذ أحمدالخير؟
• أخبار الخمسة مليون دولار التي قال البشير أنه سلمها لعبدالحي شنوووووو؟
• أخبار القصاص من منفذي مجزرة القيادة شنووووووووووووو؟
• أخبار ملف هيثرو شنوووووووووووووووو؟ (لن تتوقف الكسرة حتى نراهم خلف القضبان)
الجريدة