القراي : أصحاب السبت.. الانقلاب المدني!!

(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ * فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ) صدق الله العظيم

 

(1)

ما أن فشل الانقلاب العسكري، الذي لم تتم ادانته من المكون العسكري في الحكومة حتى الآن، إلا وجهت قيادات الفلول خارج وداخل السودان اتباعها الأصليين والمنتفعين، بالقيام بانقلاب مدني!! وذلك لأن الانقلاب العسكري واجه إدانة واسعة من المجتمع الدولي، وقدمت المؤسسات الدولية، الدعم المادي والمعنوي للسيد رئيس الوزراء، ليواصل بهذه الحكومة، وفق الوثيقة الدستورية الموقعة من كلا المكون العسكري والمدني، حتى نهاية الفترة الانتقالية.

 

ولما كان المكون العسكري يعلم أنه يمارس الخيانة ونقض العهد، وهو يحاول تجاوز الحكومة المدنية، واستبدال المكون المدني فيها بفلول النظام البائد، قام برعاية تجمع في قاعة الصداقة، زعموا أنه بغرض توسيع قاعدة قوى الحرية والتغيير، لأنها الآن لا تعبر إلا عن أحزاب محدودة. ثم وضع ميثاق جديد، يتم التوقيع عليه، ويصبح هو الموجه للمتبقي من المرحلة الانتقالية. ولكن المكون العسكري قد كان متردداً. فقد وجه وزارة الخارجية بدعوة رؤساء البعثات الدبلوماسية، لحضور هذا التجمع، المنقلب على الشرعية. ولما ظهرت الدعوة في وسائط التواصل، ووجدت استنكاراً كبيراً، أصدر مجلس السيادة بياناً عاجلاً، قال فيه أن هذه الدعوة ليست موجهة منه، وإنما وجهها حاكم دارفور مني أركو مناوي!! ولكن مناوي لم يسكت، بل كتب بأنه لم يرسل الدعوة!! فما كان من مجلس السيادة العجيب إلا أن اصدر خطاباً لوزارة الخارجية، يلغي توجيهه السابق. ولما كان اللقاء يوم السبت اضطر المجلس ان يرسل خطابه لوزارة الخارجية يوم الجمعة!!

 

والفلول الذين اجتمعوا في قاعة الصداقة يوم السبت، متآمرون ويريدون الاعتداء على حكومة الثورة، بتغيير قواها الحيّة بالفلول، ولهذا شبهناهم بأصحاب السبت!!

فإذا تساءلت من هؤلاء الذين يريدون أن يبدلوا قوى الحرية والتغيير؟ ومن أين جاءوا؟ وجدت أنهم أحزاب الأمّة مسار، ونهار، ومبارك الفاضل، و د. الصادق الهادي المهدي، وأبو قردة، وحاتم السر. ثم وجدت ومجلس الصحوة الثوري، والمؤتمر الشعبي “حزب الترابي”، والإصلاح الآن “حزب غازي العتباني” ، والعدالة ” حزب التيجاني السيسي”، والحركة الشعبية شمال ” جناح تابيتا بطرس”. وهناك أيضاً و مني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور، وجبريل إبراهيم وزير المالية، ووداعة، والاتحادي الديمقراطي ” جناح اشراقة سيد محمود”، والتوم هجو، والجاكومي.

 

كما ظهرت شخصيات من كبار أعضاء المؤتمر الوطني، مثل الأخ المسلم الموتور، محمد هاشم الحكيم، رئيس مجلس شورى المؤتمر الوطني. وهناك بعض رجال الإدارة الأهلية أمثال ترك، وبعض زعماء الطرق الصوفية، التي كانت مساندة للبشير، وبعض السلفيين. والذي ينقص اجتماع قاعة الصداقة، ليصبح مشهداً مألوفاً، من تجمعات النظام البائد، عدم وجود عمر البشير، وعبد الرحيم محمد حسين، وعلي عثمان، ونافع، وصلاح قوش.

وحين التقى الفلول الأصليون والنفعيون، كانت سهامهم موجهة الى لجنة تفكيك وإزالة التمكين، فمما قاله جبريل إبراهيم أنه يعلن (رفضه فصل الموظفين عن الخدمة بسبب انتماءاتهم السياسية كما أكد رفضه مصادرة أموال الناس بالباطل قبل اكمال كل فرص التقاضي وشدد على عدم إعطاء لجنة إزالة التمكين صلاحيات الشرطة والقضاء وألا تمارس السياسة) (وسائط التواصل الاجتماعي 2 أكتوبر 2021م).

 

إن د. جبريل ابراهيم وشقيقه المرحوم د. خليل إبراهيم، قد كانا قبل أحداث دارفور، أعضاء في تنظيم الاخوان المسلمين، ومشاركين في حكومة الإنقاذ، وحاربوا تحت راياتها في الجنوب. وفي ذلك الوقت فصلت الإنقاذ عشرات الآلاف من الموظفين، بسبب انتماءاتهم السياسية. فلماذا لم نسمع صوت اعتراض من د. جبريل؟! ولقد ذكر الفريق البرهان قبل أيام، أنه سينظف الجيش من “الكيزان” فلماذا لم يعترض عليه د. جبريل لأنه فصل بسبب الانتماء السياسي؟! ومن هم الناس الذين صادرت لجنة التفكيك أموالهم بالباطل؟ هل هم النافذين في المؤتمر الوطني الذين يملك الواحد منهم أكثر من مئة قطعة أرض؟

 

وكعادة الإخوان المسلمين في الكذب، ومثلما قال حسين خوجلي إن الثورة لن تنجح لأن 98% من الشعب معهم، ها هو العميد الطاهر أبو هاجة مستشار القائد العام يقول عن تجمعهم (المنصة تمثل أغلبية مسنودة من الأغلبية ومن الشارع بحراكه ولجان مقاومته الشارع يكذب الغطاس لقد ازفت الآزفة)(وسائل التواصل الاجتماعي 2 أكتوبر 2021م).

إن هذا الشارع الذي تتحدث عنه، وهؤلاء الشباب الذين كونوا لجان المقاومة، كانوا في المظاهرات تضربهم قوات أمنكم، وشرطتكم، وأنتم كجزء من النظام البائد، كنتم تتفرجون عليهم، وتتمنون في دخيلة أنفسكم، أن يتراجع الشباب أمام الرصاص، وتفشل الثورة، وتستمر بكم الإنقاذ. ولكن خيب الله ظنكم، وهزمكم، وأذهب ريحكم، ثم لم تتعظوا وتحاولون الآن الالتفاف حول الثورة، بضرب مكونها المدني، لتعودوا مرة أخرى.

 

وفي اتجاه الكذب والتضليل، أعلن الفلول أن الطريقة القادرية، تؤيد موقفهم، وتشارك في اجتماعهم. ولكن الطريقة القادرية كذبت زعمهم ببيان، جاء فيه (نود نحن في الطريقة القادرية العركية بولاية الخرطوم أن نعلن الآتي:

1-الالتزام بما جاء في الوثيقة الدستورية والعمل بها وصولاً للدولة المدنية واجراء انتخابات حرة ونزيهة.
2-الاعتراف بمكون الحرية والتغيير الموقع على الوثيقة الدستورية وليس سواه.
3-نؤكد دعمنا الكامل للجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989م واسترداد المال العام باعتبارها روح وقلب ثورة ديسمبر المجيدة الظافرة.
4-ليس لدينا علاقة بهذه الدعوة ونرفض الزج باسم الطريقة في هذه المزايدة الرخيصة كما ندعو منسوبي الطريقة لعدم المشاركة فيها)(الطريقة القادرية العركية 2 أكتوبر 2021م).

 

(2)

وكما هي عادة الإخوان المسلمين في الحشد، فقد أحضروا الشباب والأطفال من الخلاوي، وبطبيعة الحال، لم يخطروا شيخ الخلوة، بأنهم يريدون هؤلاء الأطفال للمشاركة في تغيير حاضنة قوى الحرية والتغيير، لأن أطفال الخلاوي لا علاقة لهم بذلك. كتب إبراهيم عبد المحمود في الفيس بوك (اتصلت بالشيخ الجيلي بالفتيحاب مستفسراً عن مشاركة طلاب خلوته في قاعة الصداقة قال لي بالحرف الواحد إنهم جو لعندي الساعة الواحدة صباح اليوم بخطاب معنون من القائد العام للقوات المسلحة يطلب مني السماح لطلبة الخلوة بالمشاركة في قاعة الصداقة لنصرة القوات المسلحة).

أطفال الخلاوى لم يجدوا الطعام فبحثوا عنه في الأشجار

وحين أحضروا هؤلاء الأطفال، لم يوفروا لهم الطعام مثلما وفروا لكبار الفلول. فقد وضع خالد يوسف، في “الفيس بوك”، صورة معبرة، لشباب يتسلقون أشجار النخيل، بقاعة الصداقة، وكتب (واحدة من الحاجات المؤسفة في برنامج قحت 2 في قاعة الصداقة حشد أطفال الخلاوي وتجويعهم لحدي ما اضطر بعضهم على تسلق أشجار النخيل في حديقة القاعة ليحصدوا بعض البلح الأخضر لرفقائهم لسد رمق الجوع والمؤسف أكثر من ذلك الأطفال شربو الموية من النافورة). من المسؤول عن احضار هؤلاء الأطفال، وتجويعهم حتى أكلوا البلح الأخضر المر؟ وهل يظنون أنهم يمكن يخدعوا الشعب بأن معهم الشارع بمثل احضار هؤلاء الأطفال؟!

 

إن الفريق عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة، هو المسؤول الأول، عن هذه المهزلة التي جرت اليوم في قاعة الصداقة. ولقد ظل لفترة ينتقد المكون المدني، بسبب أي تقصير، مع أن السلطة والثروة في يده هو، فلماذا لم يصلح ما رآه مختلاً. فالبرهان هو القائد العام للقوات المسلحة، ورئيس المجلس التشريعي المؤقت، الذي يعوق اصدار القوانين التي من شأنها تحقيق العدالة. وظل البرهان يلوم المكون المدني، على تأخير تكوين المجلس التشريعي، مع أنه هو السبب في ذلك. قال الريح محمد الصادق عضو لجنة تشكيل المجلس التشريعي (منذ 6 أشهر نطلب عقد اجتماع مع ممثلين المكون العسكري وحتى الآن لا يوجد رد أو تعاون بشكل صريح)(وسائل التواصل 1 أكتوبر 2021م). والبرهان هو رئيس مجلس الأمن والدفاع، ولا يوجه بحسم ترك، الذي يريد أن يعلن دولة الشرق. وهو الآن يسد الطرق، ويقفل الميناء، ويمنع القمح والدواء والوقود، ويهدد حياة المواطنين، ومع ذلك يتفاوضون معه لأكثر من ثلاثة أسابيع دون جدوى. ويبرر البرهان عدم حسمه لترك، بأنه لن يتدخل لأن موضوع ترك سياسي، فلماذا تم فض اعتصام القيادة العامة الذي قتل فيه المئات من الشباب؟ ألم يكن ذلك عملاً سياسياً؟! والبرهان هو رئيس مجلس الشركاء فلماذا لم يطلب منه اصلاح الخلل في الحاضنة السياسية، الذي يطلبه الآن من الفلول؟! والبرهان هو رئيس المجلس الأعلى للسلام، فلماذا لم يحقق السلام مع بقية الفصائل الحاملة للسلاح؟ والبرهان هو المسؤول الآن عن منظومة الصناعات الدفاعية، وما يتبعها من مؤسسات اقتصادية لا يقل رأسمالها عن 10 مليار دولار، هذا غير بنك أمدرمان الوطني ومطاحن سين للغلال. وهذه كلها لا تورد جنيهاً للخزينة العامة، فأين تذهب عائداتها؟! ولماذا لا يحل بها مشكلة مرتبات الجنود، أو يدعم بها السلع حتى يقلل من الأزمة الاقتصادية بدلاً من أن يلوم عليها المكون المدني؟!

 

لقد حاول الفلول في بداية الفترة الانتقالية، اغتيال السيد رئيس الوزراء حسياً. ولا يدري الشعب الى ماذا وصل التحقيق في تلك القضية؟ واليوم يحاولون اغتياله معنوياً، بعزله عن جماهير الشعب التي ايدته، ودعمته في أحلك الظروف، واصعب المواقف. وذلك بتغيير حكومته، وتركه في منصبه ليخدم غرضهم، في الملفات الخارجية، والتعامل مع المجتمع الدولي فتتدفق الأموال للبلد ويستغلونها هم لخدمة مصالح الفلول في العودة الى الحكم مرة أخرى.

إن المرحلة القادمة لا تحتمل المجاملة، أو التهاون، أو التسامح، فكل من شارك في مؤامرة أصحاب السبت، التي ارادت طعن الثورة في مقتل، وإعادة الفلول، يجب أن يساءل. فأنت لا يمكن أن تكون وزيراً في حكومة، ثم تتآمر للقضاء عليها، ثم تظل في منصبك حين تفشل مؤامرتك. ولابد من كشف كل مؤامرات المكوِّن العسكري، وعجزه عن فرض الأمن، وتجميعه الفلول لتعويق الحكومة المدنية في السودان، للشعب وللمجتمع الدولي.
ثم أن على قوى الحرية والتغيير الأصلية، أن تحاور كل فصائلها، وأن تقدم مصلحة الوطن على المصالح الحزبية الضيقة، وأن تتواصل مع تجمع المهنيين، وكل الأحزاب التي ابتعدت مؤخراً، وأن تصلح من نفسها داخلياً، حتى لا يضطر الشعب الى إصلاحها، فكل من لا يستطيع المواجهة، والتضحية من أجل هذا الشعب، عليه أن يتنحى.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.