صمت سوداني بعد ترسيم للحدود البحرية بين مصر والسعودية يرجح تضمنه (حلايب)
اصدر مجلس الوزراء المصري بيانا توضيحيا ليل السبت حول اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية التي تم توقيعها، الجمعة، مؤكدا فيه ضمنا ان المفاوضات التي سبقتها شملت منطقة حلايب المتنازع عليها مع السودان.
ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أثناء توقيعه اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية بقصر الاتحادية، وخلفه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وعاهل السعودية الملك سلمان بن عبد العزيز (صحيفة الرياض)
وثار جدل حاد في مصر هذا الاسبوع اثر شكوك حامت حول تنازل القاهرة عن جزيرتي صنافير وتيران في الترسيم الحدودي مقابل مساعدات مالية سخية.
واقر البيان بان الطرفين توافقا على ان الجزيرتين تقعان داخل المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية.
وأشار البيان إلى أن الفنيين من أعضاء اللجنة السعودية – المصرية لتعيين الحدود البحرية، استخدموا أحدث الأساليب العلمية لتدقيق النقاط وحساب المسافات للانتهاء من رسم خط المنتصف بين البلدين بأقصى درجات الدقة.
وأضاف “وأسفر الرسم الفني لخط الحدود بناءً على المرسوم الملكي والقرار الجمهوري المشار إليهما أعلاه عن وقوع جزيرتيّ صنافير وتيران داخل المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية”.
يذكر أن الملك عبد العزيز آل سعود كان طلب من مصر في يناير 1950 أن تتولى توفير الحماية للجزيرتين، وهو ما استجابت له وقامت بتوفير الحماية للجزر منذ ذلك التاريخ”.
وسيعرض الأتفاق الحدودي على مجلس النواب المصري في وقت لاحق للنظر فيه.
ولم يتطرق البيان بشكل صريح للمناطق التي شملها الترسيم ولكنه اشار الى ان اللجنة المشتركة التي تولت المفاوضات حول الحدود البحرية اعتمدت في عملها على “قرار رئيس الجمهورية رقم 27 لعام 1990 بتحديد نقاط الأساس المصرية لقياس البحر الإقليمي والمنطقة الاقتصادية الخالصة لجمهورية مصر العربية، والذي تم إخطار الأمم المتحدة به في 2 مايو 1990، وكذلك على الخطابات المتبادلة بين الدولتين خلال نفس العام بالإضافة إلى المرسوم الملكي الصادر في 2010 بتحديد نقاط الأساس في ذات الشأن للمملكة العربية السعودية”.
وتنص المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية المصري رقم 27 لعام 1990 على ان قياس المناطق البحرية الخاضعة لسيادة وولاية مصر بما فيها بحرها الاقليمي تبدأ من خطوط الأساس المستقيمة التي تصل بين مجموعة النقاط ذات الإحداثيات التي وردت في المادة الثانية من القرار.
وجاء في الفقرة (2) من المادة الثانية أن الإحداثيات في البحر الأحمر تكون وفقاً للمرفق رقم 2 وهي تشمل في البحر الأحمر ساحل منطقة حلايب.
وكانت القاهرة اعلنت عام 2010 ايضا تحفظها رسميا على مرسوم اصدرته الرياض لتحديد خطوط الأساس للمناطق البحرية للمملكة في البحر الأحمر وخليج العقبة والخليج العربي.
وجاء في الاعلان الذي اودعته القاهرة وقتها لدى الأمين العام للأمم المتحدة ان مصر “سوف تتعامل مع خطوط الأساس الواردة إحداثياتها الجغرافية في الجدول رقم 1 المرفق بالمرسوم الملكي…… المقابلة للساحل المصري في البحر الأحمر شمال خط عرض 22 الذي يمثل الحدود الجنوبية لمصر – بما لا يمس بالموقف المصري في المباحثات الجارية مع الجانب السعودي لتعيين الحدود البحرية بين البلدين”.
ويؤكد هذا الاعلان ايضا ان المفاوضات حول الحدود البحرية بين مصر والسعودية شملت مثلث حلايب باعتباره يقع شمال خط عرض 22 وخاضع للسيادة المصرية.
والتزمت الحكومة السودانية الصمت حول اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية وليس من الواضح اذا ما كان لديها النية لأتخاذ أي اجراء.
وانتقد خبير القانون الدولي الدكتور فيصل عبد الرحمن على طه في مقال نشره قبل اكثر من عام موقف الخرطوم المتراخي حيال المسألة وتقاعسها عن الرد على الاعلان السعودي حول نقاط الأساس في حينها وتحفظ القاهرة عليه.
وقال الخبير “في ضوء ما أسلفنا فإن المرء كان يتوقع تحركاً دبلوماسياً سريعاً من السودان: كأن تطلب وزارة الخارجية مثلاً توضيحاً من المملكة عن الحدود التي يجري التفاوض بشأنها مع مصر وما إذا كانت تشمل إقليم حلايب، والتحفظ على الإعلان المصري لأنه مؤسس على فرضية أن منطقة حلايب تخضع للسيادة المصرية، والتحفظ كذلك ورفض نتائج أي مفاوضات سعودية – مصرية تقوم على أساس الاعتراف بالسيادة المصرية على حلايب. ومن ثم تضمين الموقف القانوني في مذكرة أو مذكرات وإيداعها لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة وطلب تعميمها على الدول الأعضاء ونشرها”.
وأورد القانوني السوداني ردا من المتحث الرسمي لوزارة الخارجية وقتها خالد موسى دفع الله، قال فيه ان “موقف السودان في القضية معلوم وموثق في أضابير الأمم المتحدة. وأكد أن أي اتفاق ثنائي لا يدحض موقف السودان في النزاع القانوني القائم حول خط 22. وقطع خالد موسى بأن أي اتفاق بين دولتين ليست له سلطة نفاذ على طرف ثالث مجاور”.
لكن دكتور فيصل قال ان مجرد وجود احتمال “بأن تمس معاهدة ما حقوق طرف ثالث، فإنه ينبغي على هذا الطرف الثالث أن يتدخل لتأكيد حقوقه أو الحفاظ عليها وذلك بالاحتجاج لدى الدولتين المعنيتين وتسجيل موقفه لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة. فلا مجال للسكوت أو عدم الاحتجاج في ظرف يستوجب رد فعل إيجابي للتعبير عن الاعتراض أو الدفاع عن الحقوق. فالقبول الضمني والإذعان ينشأ من السكوت أو عدم الاحتجاج عندما يكون الاحتجاج أو التدخل ضرورياً بل واجباً لحفظ الحقوق”.
وتبرز المفارقة ان الرئيس السوداني عمر البشير كشف في اكتوبر الماضي انه طلب من السعودية نفسها ان تلعب دورا للتوصل الى تسوية بين بلاده ومصر لإنهاء النزاع القائم بين البلدين حول مثلث حلايب الحدودي.
وأكد أن السعودية بثقلها وتاريخها ودورها المتميز مؤهلة للقيام بهذا الدور، مشدداً على أن السودان لم يفكر يوماً في التنازل عن حقوقه التاريخية في المثلث وان بلاده متمسكة بالشكوى التي قدمتها لمجلس الأمن عام 1958 بشأن أحقيتها في حلايب وتجددها سنوياً تأكيداً لحقها التاريخي في المنطقة.
وشهدت العلاقات السودانية – السعودية قفزات كبيرة منذ تولي الملك سلمان الحكم أزالت حالة التوتر بين البلدين التي كانت قائمة بسبب التقارب الذي كان مميزا بين الخرطوم وطهران.
والسودان هو الدولة الوحيدة خارج مجلس التعاون الخليجي الذي ارسل قوات برية للقتال ضد الحوثيين في اليمن. وفي مطلع هذا العام قطعت الخرطوم علاقاتها الدبلوماسية مع ايران تضامنا مع السعودية في مواجهة ما أسمته المخططات الإيرانية على خلفية الاعتداءات التي تعرضت لها سفارة المملكة السعودية بطهران.
ولكن الاتفاقية قد تثيرغضبا مكتوما في اوساط الحكومة السودانية تجاه السعودية باعتباره اعترافا من الرياض بتبعية مثلث حلايب للاراضي المصرية خاصة وانه لا يبدو انه تم التشاور مع الخرطوم حول المسألة رغم التحسن الكبير في العلاقات بين البلدين مؤخرا.
وجرى العرف بشكل عام على ان الدول تنأى عن الدخول في اتفاقيات او معاهدات تمس مناطق متنازع عليها مع طرف ثالث.
ويقع مثلث حلايب في أقصى المنطقة الشمالية الشرقية للسودان على ساحل البحر الأحمر وتسكن المنطقة قبائل البجا السودانية المعروفة.
ويتنازع السودان ومصر السيادة على مثلث حلايب، الذي فرضت مصر سيطرتها عليه منذ العام 1995، ويضم المثلث 3 بلدات كبرى هي: “حلايب وأبو رماد وشلاتين”.
المصدر: سودان تربيون