تقرير صادم .. هجرة الآف الطلاب السودانيين للدراسة بالخارج ..مصر والهند وروسيا أبرز الوجهات

هجرة الطلاب للدراسة.. من المسؤول؟ وزارة التعليم العالي..هجرة الطلاب تخص الأسر
أستاذة جامعية : التدهور السياسي والاقتصادي سبب هجرة الطلاب
طلاب درسوا في الخارج : وضع التعليم في السودان سيئ
مكتب خدمات : هناك احتيال كبير باسم الدراسة بالخارج .
تحقيق : النذير دفع الله
ظلت العملية التعليمية في السودان، ومنذ بداية ثورة ديسمبر في العام 2018 معقدة جداً؛ فما بين التعليق والإغلاق والإضراب مضت الكثير من السنوات من أعمار الطلاب، فيما تراكمت أكثر من دفعة داخل الجامعة الواحدة، مما خلق عبئاً تراكمياً لإدارات الجامعات ووزارة التعليم العالي، التي ظلت عاجزة عن تقديم حلول حقيقية تستوعب معها الأعداد الضخمة من الباحثين عن دراسة تعليمية ومستقبل ينبئ بحياة أفضل، مما دفع زمرة من طلاب الجامعات للهجرة والبحث عن الدراسة خارج السودان، الأمر ربما يعرض البعض من الطلاب للابتزاز والاحتيال، بل والخطر في أحيان أخرى، سيما وأن البعض أكد بأن الغرض الأساسي من هذه الهجرة ليست الدراسة، وإنما الخروج من السودان والبحث عن حياة أفضل.
اليوم التالي دخلت دهاليز الجامعات والقاعات الدراسية ومكاتب شؤون الطلاب وخرجت بالنتائج التالية ..

تحقيق : النذير دفع الله

الطالب ابوبكر عبدالله من الذين درسوا خارج البلاد بين الهند و روسيا قال ل(اليوم التالي) توجد بعض الأسباب التي تدعو الطلاب للهجرة والدراسة خارج السودان منها أسباب عامة بشكل عام، منها الحروب و الأوضاع الاقتصادية وأسباب أخرى؛ خاصة منها الحصول على نتائج تعليمية أفضل وتعلم ثقافات وحضارات جديدة وأحيانا تكون الهجرة للدراسة خارج السودان هي إحدى الطرق والوسائل السهلة من أجل الخروج من الدولة عبر الدراسة، وأوضح ابوبكر أن الدراسة في الهند تختلف كثيراً، فمستوى المعيشة معقول، بينما تمتاز الهند بأنها دولة رخيصة وجودة التعليم فيها عالية، وهو الأمر الذي جعلها قبلة للطلاب السودانيين، فضلاً عن أن الجامعات الهندية معترف بها في الدول الأوروبية وامريكا والحصول على الشهادة منها له قيمة جيدة، والحصول عليها يكون أفضل الخيارات، مشيراً إلى أن جزءاً كبيراً من الطلاب الذين درسوا في الهند وجدوا فرص عمل أفضل في اوروبا وأمريكا بفضل الشهادات والتعليم الجيد. أما البقية الذين لم يحالفهم الحظ للعمل في أوروبا وأمريكا فقد وجدوا وظائف ممتازة في دول الخليج وغيرها من الدول العربية بنسبة 85% ممن وجدوا وظائف معتبرة، أما البقية فقد عادوا إلى السودان، وأوضح ابوبكر أن دولة الهند مشهورة ببعض التخصصات النادرة والمهمة مثل الأحياء الدقيقة و تقنية المعلومات، فضلاً عن تعلم اللغة الانجليزية بالسهولة والسرعة المطلوبة، واكتساب بعض الثقافات الكبيرة والعالية من خلال الاحتكاك مع عدد من السكان وتعدد الثقافات والاختلاف في العادات والتعامل مع الآخر .
كاشفاً عن أن الشعب الهندي مسالم جداً ومتميز من ناحية الاهتمام بالتعليم والتخصصية، حيث تجد مدينة كاملة متخصصة في شيء محدد مثل مدينة حيدر آباد؛ التي اشتهرت بتقنية المعلومات. فضلاً عن وجود أفرع للشركات الضخمة والكبيرة في مجال تقنية المعلومات مثل مايكروسوفت وغيرها من الشركات الضخمة، بالإضافة لسهولة الدراسة عبر الانترنت والحصول على شهادة عبر الانترنت معترف بها عالمياً .
وكشف أبوبكر عن أن العملية التعليمية والدراسة بالخارج في أحيان كثيرة تكون وسيلة للخروج من البلد فقط، وليس القصد الأساسي منها الدراسة .

توفير الإمكانيات

وقال ابوبكر إذا أرادت الدولة أن تقلل من هذه الهجرات الكبيرة للعقول؛ عليها أن تراعي جيداً للطلاب الذين درسوا خارجياً، بل وترعاهم من خلال توفير أبسط الإمكانات لإنشاء مشاريع للتخصصات المهمة مثل تقنية المعلومات والمشاريع الاقتصادية، بل ورعايتهم المادية من خلال إنشاء منظمة او جمعيات لترجمة الأفكار والتخصصات التي درسوها خارجياً، منها ايضاً رفع المستوى المعيشي للطلاب، وبالتالي البلد.
ومن جانبه أوضح ابوبكر أن هجرته للدراسة في روسيا أيضاً كانت من أجل الحصول على دراسة أفضل والتطور، ولكنها ذات الأسباب التي تدعو للهجرة على الرغم من أن موسكو تعتبر من أغلى العواصم في العالم، ومع ذلك التعليم في روسيا ممتاز ومعظم الطلاب الذين جاؤوا الى روسيا أتوا عبر طريق المنحة، إذ أن جميع الطلاب لا يستطيعون الدراسة في روسيا، ومن هنا فإن نسبة من الطلاب يخرجون للدراسة عن طريق المنح الرسمية، ولكن السواد الأعظم يدرسون عن طريق نفقتهم الخاصة لأجل الهجرة فقط . دون النظر للتعليم او التحصيل الأكاديمي أو الحصول على نتائج أفضل . وأضاف ابوبكر نسبة للأسباب التي ذكرت أيضاً يعتبر تدني مستوى التعليم في السودان، وعدم استقرار المؤسسات التعليمية واحدة من الأسباب التي تدعو الطلاب للهجرة خارج السودان.

تحديث المناهج

الطالب أمين صالح من الذين هاجروا إلى تركيا للدراسة قال ل(اليوم التالي) الهجرة الى تركيا كانت تجربة من أجل الحصول على مستوى تعليمي أكبر وناجح، ولكن رغم النجاح الكبير؛ هناك بعض السلبيات، وأضاف أيمن أن هناك فرقاً في الدراسة بين الخرطوم وتركيا، و هو أن الدراسة في تركيا متقدمة جداً، من حيث تحديث المناهج والانضباط في الوقت، من حيث التقويم الدراسي بداية وانتهاءً. أما الجانب السلبي فيكون في موضوع اللغة التركية، فهي تعتبر إجبارية كشرط للقبول في الجامعات.
وأوضح أيمن أن تركيا من من ناحية الإعاشة هي ذات ميزة نسبية، مقارنة مع سعر الليرة التركية والجنيه السوداني وارتفاع قيمة الدولار.
كاشفاً عن أن تركيا تمتاز أيضاً بدرجة عالية من الأمن والأمان، مع وجود بعض المناطق الخطرة، حتى الآن على الرغم من التعصب التركي للغة، إلا أن الشعب التركي مضياف وخلوق.
إذا كان لابد للطلاب من الهجرة للدراسة في الخارج فإني أنصح بتركيا لتجربة خضتها لتوفر كل المعينات والبنية التحتية الممتازة والأجواء الملائمة والأسعار المناسبة، مقارنة مع بقية الدول، وكذلك توفر بيوت الخبرة و المنافسة بين الطلاب، وأيضاً الكثير من الجامعات الحكومية في تركيا تدخل في نظام التبادل الطلابي مع الدول الأوربية في حالة تميز الطلاب، وتبني تركيا للمشاريع الحيوية وتمويلها للطلاب.

أوضاع سياسية

د. تماضر الطيب أستاذة العلاقات الدولية بجامعة الخرطوم قالت ل(اليوم التالي) جامعة الخرطوم تختلف عن بقية الجامعات لأنها متربطة ارتباطاً وثيقاً بالحركة السياسية، فكلما ظهرت حركة سياسية تدعو للاحتجاج كانت جامعة الخرطوم من أوائل الجامعات التي تتأثر بها، وبالتالي يتم إغلاق الجامعة باعتبارها الجامعة الأم . مضيفةً أن ما حدث في ديسمبر منذ العام 2018 وعند قيام الثور توقفت الدراسة في كل الجامعات الحكومية، ومع استمرار ضغط الشارع توقفت الدراسة في كل الجامعات، بعد ذلك كان اعتصام القيادة العامة الذي أحدث خللاً كبيراً، وبعض عملية فض الاعتصام كانت العودة للجامعة من الصعوبة بمكان، نسبة لأن ما حول الجامعة شهد المجزرة وأصبح المكان يمثل للبعض صورة سلبية جداً بما حدث حوله .
وأكدت تماضر أن الخلل الأساسي لهجرة الطلاب للدراسة خارج السودان هو عدم الاستقرار السياسي؛ لأنه السبب الأساسي في إغلاق الجامعات، أما الأمر الثاني الذي أدى للهجرة هو جائحة كورونا التي أثرت في السودان بطريقة أكبر في الناحية التعليمية نسبة لعدم توفر الإمكانات التقنية والتكنولوجية للتعليم عن بعد، بينما الجامعات ليس لديها الرغبة في عملية التعليم عبر الإنترنت، أما بالنسبة لجامعة الخرطوم فإنها تمتلك المقومات الأساسية للتعليم عبر الانترنت من خلال امتلاكها شبكة انترنت ممتازة، ولكن تكمن المشكلة في الطلاب في عدم امتلاك عدد منهم لهواتف زكية او عدم القدرة على دفع قيمة الإنترنت لحضور المحاضرات التي قد تمد لأكثر من ساعتين أحيانا أو لرداءة الشبكة العامة في أوقات كثيرة . جل هذه العوامل الاقتصادية والسياسية تعتبر سبباً كافياً لهجرة الطلاب للدراسة خارج السودان.
وقالت تماضر إن الهجرة لجمهورية مصر بأعداد كبيرة للطلاب لبعض الجوانب الإيجابية بين الدولتين؛ منها القرب الجغرافي وانخفاض الرسوم الدراسية وعامل اللغة الذي ساعد كثيراً في الهجرة إليها .

العمل السياسي

وأوضحت تماضر أن على الحكومة إذا أرادت الحد من هجرة الطلاب أن تعمل على توفير السكن المريح للطلاب باعتباره نظاماً عالمياً معمولاً به، وتخفيض الرسوم والخدمة الجيدة للداخليات وتأهيل المعامل وتوفر المكتبات الحديثة . وشددت بأن إقحام الطلاب في العمل السياسي خطوة ليست جيدة، وإن كانت فإنها تأتي في مرحلة متأخرة، إذ لا بد من طريقة محددة للاستجابة لمطالب النقابات الطلابية والموظفين في الجامعات وغيرها .
وأشارت إلى أن البيئة التعليمية في السودان حالياً غير مساعدة للدراسة؛ من ناحية البنية التحتية للبلاد، كالكهرباء والمواصلات والجانب الأمني، بالإضافة لتوقف الدراسة لعدد من السنوات، وأيضاً المنهج الدراسي غير المحدث، وعدم توفر المعينات في الجامعات مثل المعامل وبيوت الخبرة التي اتجهت للعمل في الخارج.

استقرار أكاديمي ..

الأستاذة سحر محمد، عضو مكتب شؤون الطلاب بكلية الطب جامعة الخرطوم أكدت أن هجرة الطلاب للدراسة خارج السودان أصبحت ملحوظة خلال الفترة السابقة، وذلك نسبة لعدم استقرار الأوضاع السياسية في البلد، وأضافت أن عدم استمرار العملية التعليمية وإغلاق الجامعات وعدم وضوح الرؤيا تجاه استمرار الدراسة بشكل متواصل أدخل الإحباط واليأس في نفوس بعض الطلاب وذويهم؛ مما دعا الأسر لتشجيع أبنائها للدراسة خارج السودان
وأوضحت سحر أن كلية الطب جامعة الخرطوم لم تشهد أي نوع من أنواع الهجرة أو الاستقالة أو النقل؛ مما يؤكد أن جامعة الخرطوم مستقرة نوعاً ما، من ناحية هجرة الطلاب .

سماسرة التعليم..

مسؤول مؤسسة أنوار المستقبل لخدمات التعليم العالي، والخبير في مجال قبول الطلاب السودانيين بالجامعات المصرية، مؤيد علي سالم، حذّر الطلاب السودانيين من مغبة الوقوع في شباك سماسرة التعليم العالي، وتسفير الطلاب للدراسة بمصر، لجهة كثرة حالات الاحتيال. وقال مؤيد ل( اليوم التالي) هناك إقبال كثيف من الطلاب والطالبات السودانيات على وجه الخصوص؛ للالتحاق بالجامعات المصرية الحكومية نظرًا لعدم استقرار الدراسة في الجامعات السودانية والتعقيدات السياسية التي ألقت بظلالٍ سالبةٍ على التعليم، فضلاً عن قلّة مصروفات الدراسة بمصر مقارنةً بالبلاد.
وأضاف سالم أنّ السبب وراء الهجرة هو مصروفات القبول للطلاب السودانيين بمصر التي تختلف كثيرًا عن الطلاب الأجانب، وكشف عن ارتفاع الإقبال على كليات الطب والهندسة والدراسات الإنسانية من قبل الطلاب السودانيين.
وأعلن أنّ الجهات التعليمية في مصر بدأت في استلام شهادات الناجحين في امتحانات الشهادة السودانية توطئةً للإعلان الرسمي لإجراءات القبول المرجّح أنّ تنتظم في منتصف يناير المقبل.و طالب مؤيد الطلاب الذين يسعون إلى الدراسة بمصر بتسليم الشهادات للجهات المختصة في مصر والتأكّد من قبولهم قبل السفر إلى القاهرة لتجنّب تكبّدهم خسائر فادحة.

هجرة عملية..

إدارة الإعلام بوزارة التعليم العالي أكدت أن هجرة الطلاب للدراسة خارج السودان في مصر أو غيرها الغرض الأساسي للطلاب كما يعلم الجميع ليس الدراسة؛ وإنما الهجرة فقط مما أدى لارتفاع نسبة أعداد المهاجرين، وأضاف أسامة محمد العوض من إدارة الإعلام، أن الأمر يتعلق بالأسرة وأولياء الأمور أكثر مما يتعلق بوزارة التعليم العالي ، لافتاً إلى أن إدارة شؤون الطلاب بالجامعات هي من يجب أن ترد وتوضح ما يحدث.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.