بسبب توقف الاستيراد لثلاثة أشهر الوقود أزمة لم تبرح مكانها

سودافاكس _ ضمن أزمات اقتصادية عديدة يمر بها الاقتصاد تتصدر أزمة الوقود قائمة المشهد العام في الشارع المحلي لفترات طويلة.

وأزمة الوقود لا تكاد تبرح مكانها، فما إن تختفي لأسابيع حتى تتجدد مرة أخرى ضمن أسباب متغيرة لحدوثها، وتبرز مظاهرها في ازدحام كبير داخل محطات الوقود وشح في وسائل المواصلات وارتفاع قيمة تعرفتها.

وتنحصر أزمة الوقود بالبلاد بشكل رئيس في عدم توفر موارد كافية من النقد الأجنبي لتغطية فجوة الإنتاج المحلي عبر الاستيراد من الخارج، وتباينت الآراء هذه المرة في ما يخص سبب الأزمة، وقد اوضح صاحب شركة أن الأزمة هذه المرة تعود إلى إحجام التجار عن استيراد الوقود لجهة ان الحكومة لم تغير السعر العالمي وتعمل بالسعر القديم لحوالى ثلاثة أشهر، بينما يرى آخر أن الأزمة جاءت بسبب ادخار عدد كبير من المواطنين الوقود لجهة عدم ضمان توفره لاستخدامه بغرض السفر، وذلك مع حلول عيد الأضحى المبارك.

إحجام التجار
وكشف صاحب طلمبة بشائر عن وجود أزمة حادة في الوقود، وأكد في حديثه أن سبب الأزمة يعود إلى إحجام التجار عن استيراد الوقود لجهة ان الحكومة لثلاثة أشهر مازالت متوقفة على نفس السعر دون زيادته، مما ادى لامتناع الشركات عن شراء الوقود، موضحاً أن السعر العالمي للتر الجازولين يبلغ (٨٥٩) جنيهاً بينما فرضت الحكومة بيعه بسعر (٧٠٠) جنيه فقط، اما سعر تكلفة لتر البنزين (٨٩٠) جنيهاً وكذلك فرضت له الحكومة تسعيرة (٧٦٠) جنيهاً، موضحا أن هذا الأمر أدى لأن يتم الاعتماد على إنتاج المصفاة فقط دون الاستيراد.

توفر الوقود
وفي ذات السياق قال صاحب طلمبة النحلة موسى محمد إن هنالك وفرة في الوقود، الا أنه أوضح أن الازدحام في الطلمبات جاء نتيجة ادخار أصحاب السيارات كميات كبيرة من الوقود بغرض استخدامه للسفر لمناسبة عيد الأضحى المبارك، لجهة عدم ضمانهم توفر الوقود في الولايات، بالإضافة إلى تخوفهم من قيام المظاهرات التي قد تمنعهم من الوصول إلى الطلمبات للحصول على الوقود. وأكد موسى أن حصص الطلمبات من الوقود سواء جازولين أو بنزين متوفرة وتنساب بصورة يومية دون أية معيقات.

نصب واحتيال
إلى ذلك شكا رئيس غرفة المواصلات الشاذلي ضواها من وجود أزمة حقيقية في الوقود، وأشار في حديثه وفق (الانتباهة) الى أن مشكلة الوقود أصبحت لا تنحصر فقط في ارتفاع سعره بل في عودة الصفوف بصورة أسوأ مما كانت عليه في السابق. وكشف الشاذلي عن عدم انتظام عدادات الطلمبات لجهة عدم وجود رقابة من قبل وزارة الطاقة لمحطات الوقود، بمعنى أنه يتم شحن الوقود بسعر معين بينما يختلف في بقية المحطات، مبيناً أن قطاع النقل تأثر بصورة كبيرة وواضحة بهذا الأمر لحوالى اسبوع، داعياً وزارة الطاقة الى مراقبة العدادات لحسم هذه الفوضى، واصفاً هذا العمل بالنصب والاحتيال، وأشار إلى أنه حال تم تعديل التعريفة يجب أن يتم إحضار مجموعة من وزارة الطاقة لمراجعة المحطات لوزن وضبط سعر اللتر لتتساوى الأسعار بالمحطات، مشيراً إلى ارتفاع في أسعار الوقود مع انعدامه، وأضاف ان هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير، موضحاً أن غياب الغرف المتخصصة أدى إلى وجود فراغ عملت على استغلاله الجهات ذات النفوس الضعيفة، وتساءل قائلاً: (طالما أن الوقود سلعة محررة لماذا يحدث به شح؟ وبالرغم من أن أسعار الوقود أصبحت محررة يجب على الدولة أن تضع يدها عليه بغرض ضبطه)، وأشار إلى أن قطاع الوقود يعتبر من القطاعات الحساسة التي لا تتحمل الإهمال لأنه يزيد أسعار السلع والخدمات.

غياب دور الدولة
وفي المقابل اكد الأمين العام للغرفة الصناعية عبد الرحمن عباس أن هناك أزمة حادة في الوقود التي ستؤثر بصورة كبيرة في الصناعة المحلية، وقال في حديثه إن القطاع يعاني من شح في الوقود والكهرباء، الأمر الذي يؤدي إلى تقليل الإنتاج، لجهة ان الوقود والكهرباء أهم وسائل الإنتاج، وأضاف قائلاً: (هذا الأمر أدى إلى شلل في القطاع مع غياب تام لدور الدولة). ودعا الدولة لمراعاة القطاع الصناعي لجهة انه احد اهم القطاعات الإنتاجية.

أزمة حقيقية
وفي سياق ذي صلة يؤكد الخبير الاقتصادي محمد نور كركساوي وجود أزمة حقيقية في الوقود، بدليل اصطفاف عدد كبير من السيارات في جميع محطات الوقود.
وأبان في حديثه أن سلعة الوقود (الديزل والبنزين) قد تم تحرير أسعارها واستيرادها منذ العام الماضى بنسبة ١٠٠%/ ولا تتحكم الدولة سوى فى تحديد نسبة الربحية بحدود ١٠% لكل لتر، وتابع قائلاً: (اما ارتفاع أسعار الوقود فإنه يخضع للسعر العالمى هبوطاً وصعوداً، فالأسعار العالمية للبترول مرتفعة فى هذه الأيام لأسباب عدة أهمها الحرب الروسية الأوكرانية، اما فى السودان فقد ارتفع سعر جالون البنزين في حدود ما يقارب ١٠% وكذلك الديزل). ونبه إلى أن الندرة في السلعة تعود الى شح العملات الحرة وعدم توفرها فى الوقت المناسب اى عند الطلب، بالإضافة الى بيروقراطية العمليات اللوجستية، مشيراً إلى أن هذا الارتفاع فى الاسعار من المؤكد له مؤشرات سالبة على قطاعات الإنتاج المختلفة الزراعية والصناعية بما فى ذلك قطاع الخدمات، وسينعكس على مخرجات الإنتاج سواء كانت سلعاً او خدمات، وكذلك يؤثر سلباً في زيادة أسعار النقل والتنقل بارتفاع تكاليفها، وبالتالى سوف يتضرر المواطن من غلاء السلع والخدمات مرة أخرى، وهذا له مؤشرات سالبة أيضاً على المستويين السياسى والاجتماعى، خاصة بعد أن توقف الدعم المباشر (ثمرات) لما يقارب العام.
تأثير سالب
وقال رئيس قسم الدراسات الاقتصادية بمركز الراصد الفاتح عثمان: (ان الاقتصاد السوداني يعاني بشدة من التأثير السالب للسياسات النقدية الانكماشية التي تبنتها الحكومة الانتقالية منذ عهد عبد الله حمدوك، ولكن بدأت تأثيراتها القاسية تتضح بقوة في كافة القطاعات الاقتصادية خاصة الانتاجية منها، مثل القطاع الزراعي الذي عانى من خسائر كبيرة بسبب ارتفاع التكلفة الكلية، حيث لعب الوقود دوراً كبيراً في خسارة المزارعين، وايضاً ارتفاع تكلفة العمالة وارتفاع أسعار السماد والمبيدات).
وأضاف في حديثه قائلاً: (ان القطاع الصناعي عانى بشدة من ارتفاع التكلفة وتراجع الطلب على المنتجات بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطنين، بل تعرض المستوردون لخسائر كبيرة هذا العام بسبب تراجع الطلب الكلي على السلع متأثراً بتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، وعليه الاقتصاد السوداني الآن في مرحلة انكماش كبير، لكن من المتوقع أن يتحسن الاقتصاد السوداني ابتداءً من العام القادم لأن الإصلاحات الاقتصادية المؤلمة وضعت أساساً سليماً لبناء اقتصاد انتاجي مخصص للصادر وآخر للسوق المحلية وفق افضل المواصفات العالمية).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.