مرضى الكلى بالسودان.. تحذير من “كارثة” رغم تطمينات الحكومة

في ظل تحذير من “كارثة” إنسانية وطبية في السودان بسبب القتال، وجهت وزارة الصحة السودانية رسائل تطمينية لمرضى الكلى في البلاد تشير إلى توفر العلاجات، واستمرار تقديم خدمات غسيل الكلى، كاشفة، في بيان، وجود نحو 12 ألف مريض كلى، بين من يجرون عمليات الغسيل الدوري أو الذين لديهم كلى مزروعة.

وعلقت الوزارة على “المناشدات” لتوفير الأدوية بأنها أثارت “الرعب والخوف في نفوس المرضى وأهاليهم”، مؤكدة وصول أدوية ومستلزمات طبية خاصة بغسيل الكلى لميناء بورتسودان سيتم توزيعها على المراكز المختلفة في البلاد.

وتظهر قاعدة بيانات تابعة لمنظمة الصحة العالمية وقوع 28 هجوما على مرافق الرعاية الصحية في السودان منذ اندلاع الصراع الشهر الماضي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وتعمل 16 في المئة فقط من المنشآت الصحية في الخرطوم لكنها تعاني نقص المستلزمات وكوادرها الطبية منهكة، حسب الصحة العالمية.

وأفادت عدة وكالات إنسانية بوقوع أعمال نهب خلال أزمة السودان، من بينها برنامج الأغذية العالمي الذي قال إنه خسر امدادات تراوحت قيمتها بين 13 و14 مليون دولار.

“مرضى منهكون”

“مرضى منهكون”، هكذا وصف طبيب الكلى السوداني، هشام حسن عبدالوهاب، مرضى الكلى في السودان في ظل المعارك التي تدور منذ منتصف أبريل.

وأوضح في حديث لموقع “الحرة” إن مرضى الكلى أمام حربين، الأولى تدور بين القوى العسكرية، والثانية في استمرارهم بتلقي العلاج وإجراء عمليات الغسيل الدورية لضمان استمرار حياتهم.

ويشير إلى أنه وصف مرضى الكلى في السودان بـ”المنهكين” لأن العلاجات التي يحصلون عليها حتى من قبل الحرب هي الحد الأدنى لما يكفي لحماية حياتهم، إذ يتم إجراء عمليات غسيل الكلى مرتين أسبوعيا، في حين أن المعايير الطبيبة تستوجب ثلاث مرات على الأقل.

وتقول وزارة الصحة السودانية إنه يوجد 7 آلاف مريض غسيل كلى يتلقون خدماتهم عبر 104 مركز متخصص متوزعة في البلاد، ناهيك عن وجود أكثر من 4500 زارع للكلى يتلقون علاجات بشكل دوري.

ويقول الطبيب عبدالوهاب يوجد في العاصمة الخرطوم لوحدها 35 مركزا للكلى، ولكن العاملة منها 23 فقط، والبقية خرجت من العمل بسبب عدم توفر المستلزمات الطبية فيها وانقطاع المياه والكهرباء عنها.

ويضيف أن العديد من المرضى في الخرطوم نزحوا إلى مناطق أخرى بسبب الحرب، وهو ما سبب ضغطا وأزمة في على مراكز للكلى تعاني أصلا من نقص الأدوية.

الطبيب علاء الدين عوض، استشاري جراحة الكبد وزراعة الأعضاء يؤكد أن الحالة التي وصل لها مرضى الكلى في السودان لا يمكن وصفها سوى بأنها “خطيرة”، إذ يواجهون خطر عدم توفر الأدوية، أكان لمن يجرون عمليات الغسيل الدورية أو لزراعي الكلى.

ويرجح في رد على استفسارات موقع “الحرة” أن الأرقام للمصابين بالكلى هي أعلى من تلك التي صرحت عنها وزارة الصحة السودانية، مؤكدا أن المصابين بالكلى يحتاجون لأكثر من 140 ألف عملية غسيل شهريا، في ظل أن التصريحات الرسمية تشير إلى وصول ما يكفي لـ130 ألف عملية غسيل.

وكشف الطبيب عوض أن نقص أدوية الكلى تسبب في وفاة بعض المرضى خلال الأيام القليلة الماضية وهم مصابين بمرض الفشل الكلوي المزمن، معربا عن مخاوفه من خسارة بعض زارعي الكلى للأعضاء التي زرعت لهم بسبب تراجع حاد في مخزون الأدوية المثبطة للمناعة.

ودفعت الاشتباكات أكثر من 100 ألف آخرين على اللجوء إلى دول مجاورة، في تطور دفع إلى التحذير من “كارثة” إنسانية وطبية قد تطال تداعياتها المنطقة بأسرها.

علاجات لمدة محدودة
ويشرح الطبيب عبدالوهاب وهو أحد الأطباء الذين أطلقوا “صافرات إنذار تحذر من نقص مستلزمات وأدوية مرضى الكلى”، أن ما يتوفر حاليا في البلاد وحتى مع المساعدات القادمة يكفى كعلاج لمرضى غسيل وزراعة الكلى لمدة 4-6 أسابيع على أقصى حد.

وذكر أن الأدوية التي تعطى لزارعي الكلى نفدت من المراكز، وبعد إطلاق مناشدات لتوفيرها تبرعت شركة الحكمة للأدوية بما يكفي احتياجات 3 أسابيع، فيما قدمت مؤسسة قطر الخيرية ما يكفي احتياجات أسبوع، والتي يتوقع أنها وصلت لميناء بورتسودان وسيتم توزيعها على المراكز خلال أيام.

ودعا عبدالوهاب الجمعية العالمية للكلى ومنظمة الصحة العالمية للانتباه لما يحصل في السودان، والعمل على توفير العلاجات والمستلزمات الطبية لمرضى الكلى بما يكفي احتياجات 3 إلى 6 أشهر.

الطبيب عوض قال إن الجهات الرسمية تحاول توجيه رسائل لطمأنة المرضى، ولكن هذا يعطي رسائل خاطئة للمرضى وحتى للمنظمات الصحية الدولية التي تحتاج إلى التدخل من أجل حماية المرضى السودانيين من آثار الحرب.

وتؤكد وزارة الصحة السودانية أنها “سنبذل كل ما بوسعها” لتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية.

وأضر القتال بالبنية التحتية الحيوية وتسبب في إغلاق معظم المستشفيات في مناطق احتدام المعارك. وحذرت وكالات الأمم المتحدة من “كارثة” إنسانية وطبية كبرى إذا استمر القتال.

وقالت منظمة الصحة العالمية، السبت، إن شحنة إمدادات طبية وصلت إلى بورتسودان، لكنها في انتظار تصاريح مرتبطة بالأمن والدخول، والتي سبق أن منعت وصول عدة شحنات مماثلة إلى الخرطوم حيث تنفد الإمدادات من المستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل.

والشحنة، التي تزن 30 طنا وتشمل معدات جراحية طارئة وأخرى للتعامل مع حالات الصدمة، هي الأولى التي تصل إلى البلاد منذ اندلاع الصراع في منتصف أبريل لكن التوزيع سيتوقف على “الأمن وتصاريح الدخول” حسبما قالت منظمة الصحة العالمية في بيان.

وتستضيف مدينة جدة السعودية محادثات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، بدأت السبت، في ظل قتال مستمر منذ أسابيع وراح ضحيته مئات المدنيين وأسفر عن إغلاق مستشفيات.

وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” الجمعة إن أكثر من مليون جرعة لقاح مضاد لشلل الأطفال لحقها الدمار نتيجة النهب في السودان.

وقالت، هيزل دي ويت، نائبة مدير مكتب برامج الطوارئ في يونيسف لرويترز في رسالة بالبريد الإلكتروني “تعرض عدد من مرافق سلسلة التبريد للنهب والتلف والتدمير، بما في ذلك أكثر من مليون جرعة لقاح مضاد لشلل الأطفال في جنوب دارفور”.

كانت يونيسف تجري سلسلة من حملات التحصين ضد المرض في السودان بعد ظهوره هناك في نهاية 2022.

وقد يؤدي شلل الأطفال، وهو مرض يصيب الأطفال دون سن الخامسة، إلى الشلل والوفاة. وتم إعلان خلو أفريقيا من شلل الأطفال في عام 2020. لكن مالاوي وموزمبيق والسودان أبلغت عن حالات وافدة منذ العام الماضي.

الحرة / خاص – واشنطن, الحرة / وكالات – واشنطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.