🔴 متى ستتوقف حرب السودان بإنتصار الجميع ؟

🔴 متى ستتوقف حرب السودان بإنتصار الجميع ؟

_ كمال حامد _

عنوان 1: الشبهات … ضريبة الحروب.
عنوان 2 الدارفورية Darfurism ثقافة بيئة وجغرافيا … لا أنساب وسحنات …
عنوان 3: متى ستتوقف هذه الحرب بإنتصار الجميع ؟

المحور الأول …الشبهات ضريبة الحروب :
لا شيئ يبرر تبرم قيادات دارفورية من الإجراءات الإحترازية لتوجسات أمنية فهذه للأسف ضريبة الحروب خاصة حين تتقاطع ضرورات الأمن القومي مع الولاءات الإثنية ، وفي حين أن الولاء القومي والوطني حادث وطارئ فإن الولاء الإثني قديم وفطري ، والولائين موجودين داخل كل مواطن ولكنهما يصطرعان ويتغالبان بشدة خاصة في أوقات الأزمات.

وقد شاهدت بعيني كيف يشك جنود الجيش في بعض شباب أم درمان لأنهم صفر ورقاق ، فيتعاملون معهم في الحافلات بصرامة زائدة ، ربما لأن حكامات الدعم وصفت شبابهم بالصفر الرقاق !

ثم كيف تستطيع أن تميز بين الإثنيات لمجرد اللون والسحنات ؟

قبل ستين عاما ربما كان لدى العاصمي صورة ذهنية نمطية عن إثنيات الهوامش ولكن في 2023 و 2024م وبعد أن زحفت هوامش السودان نحو العاصمة لعل العقلية العاصمية تعلم أنه من الصعب تحديد الإثنيات من خلال الملامح والسحنات فكثير من إثنيات الهوامش تتشابه مع بعضها في السحنات ، وبعض قبائل الوسط أولادها صفر ورقاق !!

والسؤال الذي يطرح نفسه : هل كل ذوي الأصول الدارفورية دارفوريين ؟

في اعتقادي لا ، فبعض المجموعات الدارفورية غادرت دارفور من قرن وقرنين أو أكثر وصارت كردفانية مثل زغاوة كجمر وبعض مجموعات الجلابة استوطنت دارفور من قرنين وربما أكثر أفلا تعتبر دارفورية ؟

دارفوريي الوسط من بقايا حراك المهدية 1885م – 1899م :
كما أن هناك حراك الثورة المهدية وما تخلف عنه من جماعات دارفورية استوطنت في قرى نهر عطبرة من بقايا جيش محمود ود أحمد 1897م وهناك مجموعات دارفورية من بقايا جيش أحمد فضيل 1899م تخلفت على طوال خط سير الجيش من القضارف مرورا بجنادل الروصيرص إلى الترعة الخضرا في بحر أبيض وانتهاءا بالدويم بعد معركة أم دبيكرات 1899م ، أما الذين استنفروا من دارفور لأعمال مشاريع دائرة المهدي في الجزيرة أبا وبحر أبيض 1930م فأعدادهم ربما كانت بعشرات الألوف وقتها فكم تعدادهم اليوم 2024م ؟ وفي تقديري أنه يصعب جدا اعتبار هجرات دائرة المهدي دارفوريين اليوم بل هم ثقافيا لأهل بحر أبيض أقرب.

المحور الثاني : الدارفورية ثقافة ، وليست أنساب وسحنات ..

إن محاولة تركيز التفكير على مسألة الأنساب منشؤها بعض الناشطين الدارفوريين من الذين أكثروا التمشدق بالأنساب العطاوية وأقوال مثل الساير عطية والمقيم حيماد والبتلتل داك راشد الولاد وما أدراك وهلمجرا من تلك الأقاويل التي كانت دلالة على نمط معيشة للعشائر ذات يوم ولكن التكرار أكسبها نكهة تحد تفاخرية.

هؤلاء الباحثين عن الشهرة شوهوا علم الأنساب وشوهوا فهم الأنساب كواحدة من آليات المعرفة والتعارف (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ) وقولبوها كآلة تحشيدية عدوانية حربية.
والحق يقال أن الإنسان هو إبن بيئته الجغرافية ، ويقف الفيديو لناظر عموم الترجم في دارفور وهو يحرض مستمعيه المهللين والمكبرين بأن الفيئ في الخرطوم ماعندو سيد دليلا على أن الإنسان إبن بيئته لا نسبه ، فالترجم قبيلة نسبها عباسي هاشمي ، فهل سيجروء ناظر قبيلة عباسية من حواضر نهر النيل على أن يطلق وسط حشده مثل هذا التحريض ؟! الإجابة لا بكل تأكيد.

وعديدة هي القبائل الدارفورية ذات النسب الهاشمي عباسيا كان أم علويا ولكنهم على أية حال أبناء بيئتهم تشربوا ثقافتها منذ قرون وتصاهروا مع قبائلها ذات السبق الزمني واكتسبوا سحناتها وسلوكياتها وتراثياتها كما أن بعضا من قبائل الوسط جنيدية وقحطانية النسب ولكن ثقافتها وسطية وولائها الوطني يغلب القبائلي.

وحين نتحدث عن الثقافات الدارفورية التي تجمع عموم قبائل دارفور داخل جغرافيا دارفور فنحن نقصد ثقافة الحواكير وما يتبعها من هيكلية زعامات ومناصب وثقافة القتال التاريخية التي لا تفرق بين المقاتل والأعزل ودور الحكامات في التحفيز وثقافات الغناء والرقص الجماعي المشترك بين الجنسين مثل الكاتم والجراري وثقافة دور النساء وتحملهن مسئوليات عملية ومجتمعية أكبر وأشمل وأشق كثيرا من نظيراتهن في السودان الأوسط سودان الشريط النيلي.

هذه الفترة عصيبة لمتخذ القرار على المستوى السياسي والأمني لأنه يوازن بين ضرورات الحفاظ على التماسك الوطني في المؤسسات الأمنية والعسكرية وفي نفس الوقت عليه تحسس وتقييم واستدراك الميولات والإنعطافات المتوقعة بسبب الإصطراع الداخلي بين الولائين الوطني والإثني ، ويا لها من موازنة صعبة ، أليس كذلك ؟

ونختم تأملاتنا هذه بالإجابة على سؤال المحور الثالث وهو متى ستتوقف هذه الحرب ؟
ستتوقف هذه الحرب والله أعلم إذا قرر الجميع الخروج منها منتصرين وسيكون ذلك ممكنا إذا بدأ الميزان يرجح لصالح الولاء الوطني وسيحدث هذا عندما تدرك القبائل التي تم تهييجها بالحمية والنسب في إدراك ماهي مقبلة عليه من خسائر وأنها أقحمت نفسها لخدمة أجندة لا علاقة لها بها وستبوء هي بالخسران آجلا في وجودها حتى لو تحققت أحلامها في كسب الحرب كما تبوء حاليا في نزيف شبابها ، فقط في حالة عودة الوعي هذه قد يقرر الرأي العام في قبائل الحواضن المجتمعية الإنتصار للوطنية ، وعلينا أن نشجع وندعم ونساعد ذلك التوجه لأن خطاب التشفي و التحدي السائد حاليا لن تكون ردة فعله من جانبهم إلا المزيد من العناد والإصرار على مواصلة القتال في معسكر ترى ثقافته في الإمتناع عن الاستسلام نصرا وموتهم وإبادتهم ليست أكثر من دنيا زايلي ومتاعكي زايل.


انضم لقناة الواتسب

انضم لقروب الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.