توليد الكهرباء من اليورانيوم في السودان .. تفاصيل القصة!

سودافاكس – انتشر يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول الجاري على منصات التواصل الاجتماعي داخل السودان وخارجه مقطع قصير يظهر شابًا يحمل قطعة بلورية شفافة تبدو أنها تضيء كشافًا بمجرد ملامستها. رافقت الفيديو مزاعم بأن القطعة هي “يورانيوم طبيعي” قادر على توليد الكهرباء لعشرات السنين، وأن هذه الثروة هي أحد دوافع الصراع المسلح في البلاد. سرعان ما تحوّل المقطع إلى مادة للشائعات ونظريات المؤامرة، محقِّقًا عشرات الآلاف من المشاركات وملايين المشاهدات.
الكشف عن أغنى مناطق السودان باليورانيوم!
الفحص الفني: خدعة وليست تجربة علمية
أظهر فحص فني شامل للمقطع أن المشهد مضلل. التحليل كشف أن الشاب يضغط بإبهامه على زر صغير في اللحظة نفسها التي يلمس فيها القطعة البلورية، وهو ما يفعّل ضوءًا مدمجًا شبيهاً بالأضواء الموجودة في الولاعات الإلكترونية الشائعة. المطابقة بين شكل الزر وطريقة التشغيل وتصميم الولاعات المتداولة كشفت تطابقًا واضحًا، ما يؤكد أن مصدر الضوء جهاز كهربائي مخفي وليس مادة تولّد طاقة ذاتية.
غياب إجراءات السلامة دليل إضافي على التضليل
يتعامل صاحب الفيديو مع القطعة بيديه العاريتين ودون أي معدات حماية إشعاعية أو أجهزة قياس، وهو أمر يتعارض تمامًا مع قواعد التعامل مع المواد المشعة حتى لو كانت بتراكيز منخفضة. التعامل الحقيقي مع اليورانيوم يتطلب مختبرات متخصصة، معدات قياس إشعاعي، واحتياطات صارمة — مؤشرات غائبة في المقطع، ما يعزز استنتاج أنه خدع بصري لا أكثر.
لماذا الادعاء العلمي غير ممكن عمليًا؟
إنتاج الكهرباء من اليورانيوم يتطلب سلسلة صناعية وتقنية طويلة: استخراج خامات ضخمة من المناجم، معالجة استخلاص نسب ضئيلة من المعدن، ثم تخصيب النظير الانشطاري المناسب واستخدامه في مفاعلات نووية مزودة بأنظمة أمان وبنية تحتية معقدة. لا توجد طريقة علمية تجعل قطعة بلورية صغيرة تُنتج كهرباء بنفسها لسنوات أو عقود بدون مفاعل وبنية تحتية كاملة—وبالتالِي الادعاء مخالف للمبادئ الفيزيائية والعمليات الصناعية المعروفة.
سياق التداول: ربط الفيديو بالصراع على الموارد
استُخدم المقطع لإثارة نظريات مفادها أن الحرب في السودان مرتبطة بصراع دولي على موارد طبيعية نادرة، مثل اليورانيوم. انتشرت تصريحات تذكر أرقامًا غير موثوقة عن احتياطيات يورانيوم هائلة في السودان وتصف اليورانيوم بأنه سبب دعم جهات خارجية للنزاع. هذه الاستنتاجات القائمة على الفيديو تُعد تقريبًا استنتاجات غير مدعومة بأدلة علمية أو مصادر موثوقة.
خلاصة التحقق والإرشاد للمشاهدين
الفيديو تداولته منصات التواصل على أنه “دليل” على وجود يورانيوم قادر على توليد كهرباء بسهولة، لكنه في الواقع خدعة بصريّة تستخدم ضوءًا مدمجًا زرّيّ التشغيل، ولا يُمثل أدلة علمية على وجود معدن منشط كهربائيًا بيد المواطن. على الجمهور توخي الحذر والتحقق من المصادر واللجوء إلى فحوص فنية مستقلة أو جهات مختصة قبل تبني مثل هذه الادعاءات، وتذكير أنه لا يمكن تفسير تعقيدات النزاع السوداني عبر مقطع فيديو واحد أو مزاعم غير مدعومة.



