جرة قلم :نسيان السودان
تباع على موقع إيباى التجارى على الإنترنت، وصفها الموقع بأنها فرعونية، وبتعقب الموضوع اكتشفت أنها من بين الآثار المنهوبة من المتاحف السودانية، ولم تكن تلك هى القطعة الوحيدة المعروضة للبيع وإنما كانت واحدة من مئات من القطع الأثرية النادرة التى أصبحت تباع يوميا على الإنترنت كما تباع الأدوات المنزلية والملابس والمأكولات، وقد نشرت جريدة التايمز البريطانية أخيرا تحقيقا حول هذا الموضوع قالت فيه إن الآثار المعروضة للبيع تشمل قطعا لا تقدر بثمن وأن الكثير منها مسجل ضمن معروضات المتحف الوطنى فى الخرطوم، والذى يقع فى المنطقة التى تسيطر عليها قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، والحقيقة أن المتحف الوطنى ليس الجهة الوحيدة التى نهبت محتوياتها فى السودان، فهناك ما لا يقل عن خمسة متاحف تعرضت للتدمير والسرقة من بينها متحف التاريخ الطبيعى الذى يجمع تراث السودان الطبيعى من مرحلة ما قبل التاريخ وحتى العصر الحالى، وبعض القطع المعروضة للبيع هى بالفعل من التراث المصرى القديم.
وكانت اليونسكو قد أصدرت بيانا فى الأسبوع الماضى أعربت فيه عن قلقها العميق إزاء ظاهرة نهب وإتلاف العديد من المتاحف والهيئات التراثية فى السودان على أيدى الجماعات المسلحة، وقد امتد التدمير إلى جزيرة مروى التاريخية، مقر مملكة كوش القديمة التى كانت قوة عظمى ما بين القرن الثامن والقرن الرابع قبل الميلاد، وقد حكم بعض ملوكها مصر القديمة، وحذر بيان اليونسكو من أن نهب الآثار السودانية سيؤدى إلى اختفاء جزء مهم من الهوية الثقافية والتاريخية للسودان، من ناحية أخرى دعا خبراء من الأمم المتحدة يوم الجمعة الماضى إلى نشر قوة مستقلة ومحايدة على وجه السرعة فى السودان حماية للمدنيين من الفظائع التى ترتكبها الجماعات المسلحة، يا إلهي! لقد نسى العالم السودان أمام ما تشهده غزة من حرب إبادة لا تتوقف، متجاهلا أنه فى مقابل الـ40 ألفا الذين قتلوا غدرا وعدوانا فى غزة، قتل فى السودان حتى الآن 150 ألفا من المدنيين الأبرياء.
محمد سلماوي
الاهرام